منتدى الأجنحة الحرة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الأسطورة وشعر الحداثة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
noon
مشرف عام
noon


ذكر
عدد الرسائل : 608
تاريخ التسجيل : 02/11/2007

الأسطورة وشعر الحداثة Empty
مُساهمةموضوع: الأسطورة وشعر الحداثة   الأسطورة وشعر الحداثة Icon_minitime9/11/2007, 10:48 am

الأسطورة والشعر

.......................

تعرف الأسطورة بأنها شكلا رمزيا والتي تعبر به الثقافة عما هو بالنسبة إليها حقائق وجودية كونية.

انطلاقا من هذا التعريف يبدو لي أنه في غياب الحقائق أحياناً تحضر الأساطير لتفسربها الأقوام ما ينزل بها، ولتتنفس من خلالها تنفساً بعضه أقرب إلى الروحانية، وأميل إلى البطولي، ويلامس في جانب آخر واقعا فنيا. هذه العناصر الثلاثة، الروحانية والبطولية والفنية، ما هي إلا تجارب حضارية متعددة ومتنوعة نقلت في طياتها ملامح من نمط تفكير هذه التجارب.

وفي واقعنا الحالي وما نعيشه من كبت على كل المستويات، أصبحت الأسطورة مصدراً خصبا من مصادر الأدب، حتى غدت في شعر الحداثة المعاصر منهجا واضحا سلكه بعض شعرائها بطرق متنوعة وأهداف مختلفة محاولين الاستفادة مما تحمله تلك الأساطير من أبعاد فنية ومعنوية.

وفي شعر الحداثة العربية فقد تميزت هناك مرحلتان: مرحلة ما قبل الخمسينيات ومرحلة مابعد عام 1950، ففي المرحلة الأولى كانت معرفة الشعر العربي للأسطورة تختلف في مستواها وأبعادها عن المرحلة التي تلتها، حيث لم يكن استعمال الأسطورة في بدايات القرن إلى نوعا من الإشارة، أو تضمينا للأسطورة، بوصفها ميراثا معرفيا أو معرفة ثقافية من دون وضوح لتفاعلها مع الجانب الوجداني، ومن الشعراء الذين أشاروا للأسطورة في هذه المرحلة، نسيب عريضة في قصيدته "نار إرم"، كما استخدم إيليا أبو ماضي أسطورة العنقاء في قصيدة تحمل نفس الإسم رامزا من خلالها إلى السعادة المستحيلة، وأصدرشفيق المعلوف قصيدته "عبقر" حيث حشد فيها عددا كبيرا من الأساطير العربية، لكن استعمال هؤلاء الشعراء للأسطورة كان قصصيا ولم يكن رمزي.

وفي المرحلة الثانية فترة ما بعد الخمسينيات، تغير الواقع العربي وتغيرت معه رؤية الشعراء للواقع، فإلى جانب رؤية الشعراء للأسطورة كونها مصدر إلهام وإنها تساعد على التخيل الشعري، والتأمل الفلسفي، فقد كان وراء اهتمام شعراء المرحلة اسباباً بعضها موضوعي وبعضها فني، فمن الناحية الموضوعية صحا الشعراء على ضياع فلسطين وضياع الكرامة العربية معها بسبب الهزيمة وكان هذا أشبه بالقحط والجدب في الحياة العربية والواقع، ثم فرز هذا الواقع بعض الحركات الثورية التي أحيت الأمل في النفوس ورغبتها في التحرر والتقدم وهذا أقرب ما يكون لهاجس الخصب والبعث والولادة. عند هذه النقطة أدرك الشاعر العربي في هذه المرحلة أن في مضامين بعض الأساطير ما يمكن توظفيه ليعبر عن تلك الهواجس، وخاصة أساطير الخصب والبعث والولادة، من هذه النقطة انطلق شعر الحداثة العربية بأساطير النماء والخصب والبعث والولادة.

يقول أدونيس:

للموت يا فينيق في شبابنا

للموت في حياتنا

منابع، بيادر

ليس رياح وحدة،

ولاصدى القبور في خطورة

وأمس مات واحد

خبا وعاد وهجه

كان يرى بحيرة من كرز

حريقة من الضياء موعدا

خبا وعاد وهجه

من الرماد والدجى

تأججا

لقد استدعى أدونيس أسطورة طائر الفينيق الذي يحترق لينبعث هو أو طائر آخر من رماده. والنص هنا يحمل المزيد من الغموض ينكشف بالاطلاع على قراءة الأسطورة ومعرفتها بشكل جيد.

في قصيدة "أنشودة المطر" للسياب،يختلف الأمر عما جاء به أدونيس في قصيدة "البعث والرماد" فالبعث والرماد ذكرت الفينيق وحاورته وخاطبته، أما أنشودة المطر لم تذكر تموزأو أسطورته وإنما كان استعمالها ضمنياً.

يقول السياب:

غنيت تربتك الحبيبة

وحملتها فأنا المسيح يجر في المنفى صليبه

وصليب السياب هنا إشارة لبلدته "جيكور" أو لوطنه الكبير "العراق" الذي حمله معه إلى منفاه، رغم كل معاناته، التي فاقت معاناة المسيح.

الجانب الآخر وراء اهتمام شعراء الحداثة بالأسطورة، هو إحساسهم العميق للواقع الذي تتحكم فيه قوى الآلة، وتدخل في نسيجه خيوط العبث والفوضى، ويهدده الجدب على أكثر من مستوى ـ حتى على مستوى العلاقات الإنسانية ـ لقد أحس هؤلاء الشعراء الحداثيون بالاستلاب فأرادوا أن يستبدلوه بعالم آخر، هو عالم الأسطورة، لأن الاستلاب في بعض صوره يأس أو يقود إلى اليأس. فالأسطورة لشاعر الحداثة في هذا الواقع الاستلابي، مهرب من هذا الواقع، ربما يأسا منه ونقمة عليه، بل هي عند أدونيس وطن:

تخرج الأشياء من أسمائها، لا أسميها ولكن

لي في أرض الأساطير التي استصفيتها

وطن ضاق عن خطوي لا أقدر أن أمشي فيه

ومن أهم الأسباب الفنية التي دعت لاهتمام شعراء الحداثة العربية بالأسطورة كونها تبدو شكلاً جديداً من أشكال التعبير، متزامنا مع رغبة الشاعر ذاته في تجاوز أشكال الشعر القديم والخروج على الضوابط.

لقد كونت الأسطورة لشعراء الحداثة العربية إحدى المرجعيات الثقافية، ولكن ما لم يكن القارئ ملماً بهذه الأساطير أو عالماً بها، سيكون شعر الحداثة عنده صعبا، عصي الفهم، وسيقف حائراً مرتبكاً ورافضاً في بعض الأحيان، وخاصة عندما يلجأ الشاعر لتكثيف الرموز وحشد أكثر من رمز أسطوري في قصيدته، كما فعل السياب في قصيدته "المومس العمياء":

أحفاد "أوديب" الضرير ووارثوه المبصرون

"جوكست" أرملة كأمس، وباب "طيبة" ما يزال

يُلقي "أبو الهول" الرهيب عليه من رعب ظلال

والموت يلهث في سؤال

على ضوء ما سبق يمكن القول: إن الأساطير ووعيها أحد الأبعاد المعرفية الثقافية التي شكلت شعر الحداثة العربية المعاصر من جانب وأسهمت في إبهامه وغموضه من جانب آخر.

********************** نـــــــــــــــون

المرجع: كتاب "الإبهام في شعر الحداثة" للدكتور عبد الرحمن محمد القعود.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نزارقباني
متحكم رئيسي
نزارقباني


ذكر
عدد الرسائل : 235
تاريخ التسجيل : 19/10/2007

الأسطورة وشعر الحداثة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأسطورة وشعر الحداثة   الأسطورة وشعر الحداثة Icon_minitime11/11/2007, 11:05 pm

إن أسباب ابتعاد بعضا من جوانب الثقافة العربية بشكل عام (ومنها بالطبع الجانب الأدبي والشعري) عن العقلانية وعن الفكر السببي أو العلمي والمنطقي يعود إلى النكسات والنكبات التي أصابت الوطن العربي من المحيط إلى الخليج خلال العقود الماضية, وخاصة بعد نكبة عام 1948 أي في المرحلة الثانية التي تطرق إليها الأخ نون
فمع الأسف ربما لم تستطع العقول العربية المتسلحة بالسببية والمنطقية خلال القرن الماضي تحقيق شيء يذكر يعيد لتلك الأمة بطولاتها المشرفة وتاريخها المجيد
لقد أصبح الجمهور العربي يشعر بعطش أكثر من غيره إلى شيء آخر يتجاوز الأطر العقلانية للتفكير بسبب أن تلك العقلانية تعري الواقع العربي على حقيقته وتسلط الضوءعلى الفشل و الاحباطات المتكررة التي تعرضت لها الأمة في القرن العشرين وظهور الكيان الصهيوني إلى حيز الوجود في قلب الأمة العربية, نتيجة لذلك أصبح هذا الجمهور مشدود الى كل شيء اسمه لغز أو أسرار أو رموز أو حتى أسطورة لا عقلانية يستطيع من خلالها زرع الأمل وإعادة وبعث الأمجاد الغابرة الماضية للأمة العربية.


موضوع جميل وعميق أخي نون

دمت قلما مبدعا في هذا المنتدى

مع خالص تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأسطورة وشعر الحداثة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» منابع الرؤية في شعر الحداثة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأجنحة الحرة :: الجناح الأدبي :: دراسات نقدية ومقالات أدبية-
انتقل الى: