أمي

كلما قبّلت يدي أمي شعرت أن شعريَ صار قزماً وأن كلماتي لن ترتقي لعرش طهارة تلك الأيقونة المعلقة في جدار وجداني.

كلما انحنيت أمام والدتي تذكرت طفولتي،أشعر أنني لم أكتب لها شيئاً، وأن القصيدة لم تولد بعد، أو حتى لم تبدأ مخاضها، فذاك المجد لا تحتويه قصيدة ولا ترتقي لبوابات مجده الكلمات.

هي مشروع قصيدة، طالما أذكر أمي سيبقى مشروع، ولن يكتمل،وآمل مع كل قبلة ومع كل ذكرى أن تنمو هذه القصيدة وتزدهر وتطول حتى تليق على الأقل بتلك الآلهة المقدسة ...... أمي

......................

من ذا يهدهد هميّ ونواحي

أو أن يسكّن داميات جراحي

أو من يعيد إلى رياضي زهورها

ليطل نواري بأحلى وشاح

من ذا يعيد إلى قوارير الهوى

عبق الحنين وعطره الفواح

أمي

وترتعش القصيدة في دمي

خجلاً فلست الشاعر الصداح

أمي

وتلقى في يدي قوافل

من طهر فجر صباحها الوضاح

أمي

وتبقى في جداول غربتي

جمر الحنين بمائه النضاح

ترك الزمان على يديك بقية

تباً لهذا الدهر من سفاح

وجداولا في وجنتيك قرأتها

كتب الشقاء أم بريد كفاح

عهد الطفولة كيف مر فلم يزل

في خاطري أثر ونزعة صاح

مازال موال الصبا في قامتي

نغمات أحزان وهمس جراح

ليت الزمان يعيد لي عهد الصبا

لأذوب بين "سمية" و"سماح"

أف لكل الناكرين جميلهم

والناهرين قداسة الأرواح

لا يدرك الربان غاية سيره

إن لم توجهه يد الملاح
.......................... نـــــــــــــــون