مهيار الديلمي
? - 428 هـ / ? - 1037 م
مهيار بن مرزويه، أبو الحسن الديلمي.
شاعر كبير في أسلوبه قوة وفي معانيه ابتكار، قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم، وقال الزبيدي: (الديلمي) شاعر زمانه فارسي الأصل من أهل بغداد، كان منزله فيها بدرب رباح، من الكرخ، وبها وفاته. ويرى (هوار) أنه ولد في الديلم (جنوب جيلان على بحر قزوين) وأنه استخدم في بغداد للترجمة عن الفارسية.
وكان مجوسياً وأسلم سنة على يد الشريف الرضي وهو شيخه وعليه تخرج في نظم الشعر وقد وازن مهيار كثيراً من قصائده وكان شاعراً جزل القول مقدماً على أهل وقته وهو رقيق الحاشية طويل النفس في قصائده، وقد بقي مهيار عائشاً في كنف أستاذه الشريف الرضي إلى أن لاقى الشريف ربه عام 406ﻫ. والظاهرة الي يمكن الإشارة إليها في شعر مهيار أنه لم يمدح أحداً من الخلفاء العباسيين قط.
الآن إذ بردَ السلوُّ ظمائي
كتبها الشاعر في إهداء لصديق له يشكره على جميل بلغه عنه، ورغبة في المودة أتته منه.
-----------------------------------
الآن إذ بردَ السلوُّ ظمائي و أصابَ بعدكم الأساة ُ دوائي
كانت عزيمة حازمٍ أضللتها في قربكم فأصبتها في النائي
آليتُ لا رقبَ الكواكبَ ناظري شوقا ولا مسحَ الدموعَ ردائي
أمسٌ من الأهواءِ عفى رسمه بيد النهى يومٌ من الآراءِ
و قذاءُ قلبي أن يحنّ لناظرٍ يومَ الرحيل تفرق الخلطاءِ
دعهم ومنْ حملته حمرُ جمالهم للبين من حمراءَ في بيضاءَ
مستمطرين ولم تجدهم أدمعي و مؤججين وما لهم أحشائي
كانوا النواظرَ عزة ً لكنهم غدروا فلم تطبق على الأقذاءِ
و لقد يغادرني وحيداً مخفقاً خبثُ المعاش وقلة ُ النجباءِ
أظمى ورييَّ في السؤال فلا يفي حرُّ المذلة ِ لي ببرد الماءِ
قالوا سخطتَ على الأنام وإنما سخطى لجهلهم بوجه رضائي
صورٌ تصرفُ أنفسُ الأمواتِ في أجسامها بجوارح الأحياءِ
ألقي إلى الصماء بثى َ منهمُ و أعير شمسى َ ناظرَ العشواءِ
بأبي غريبٌ بينهم في داره متوحدٌ بتعدد النظراءِ
يفديك مستامون لا عن قيمة ٍ مسمون والمعنى سوى الأسماءِ
يتطاولون ليبلغوك ولم يكن ليضمهم وعلاك خطُّ سواءِ
و إذا جريتَ على الرهان وبهمهم لاقَ الخلوقُ بجبهة الغراءِ
و الشامة ُ البيضاءُ تنعت نفسها بوضوحها في الجلدة السوداءِ
عجزتْ قرائحهم وأغدرُ غادرٍ يومَ الخصام الفاءُ بالفأفاءِ
لبيك عدة َ ما أتاني غافلا عنك الرواة ُ بطيب الأنباءِ
و غلوتَ في وصفي فقلتُ سجية ٌ ما زلتُ أعرفها من الكرماءِ
عميَ الورى عن وجهها فرأيتهُ و هو البعيد بناظريْ زرقاءِ
قد كنتُ أظهرها وتخفى بينهم ما للغنى أثرٌ على البخلاءِ
لا ارتعتُ إذ أعطيتُ منك مودة ً ماذا أسرّ الناسُ من بغضائي
و صداقتي للفاضلين شهادة ٌ بالنقص ثابتة ٌ على أعدائي
نسبٌ مزجنا لا تميز بيننا فيه امتزاجَ الماءِ بالصهباءِ
و مودة الأبناء أحسنُ ما ترى موروثة ً عن نسبة الآباءِ
أخى في الودّ فوق أخى النسيبِ
-----------------------------------
أخى في الودّ فوق أخى النسيبِ و خلى ّ دون كلَّ هوى ً حبيبي
و مولاي البعيدُ يقول خيراً قريبٌ قبل مولاي القريبِ
و ما دحى َ المصرحُ شاهداً لي فداءٌ للمعرض في مغيبي
فلا تتطلبي غلطاتِ شوقي فما إن زلتُ ذا شوقٍ مصيبِ
أردتني ليملكني نفاقا سليمُ الوجه ذو ظهرٍ مريبِ
و ألسنة ٌ تظاهرني صحاحاً و أعلمها بطائنَ للعيوب
قد اعتذر الزمانُ بودّ خلًّ محا ما كان أسلفَ من ذنوبِ
أتتني طاب ما أتتِ ابتداءً بلا حقًّ عليه ولا وجوبِ
يدٌ منه وفتْ بيد الغمام المصيب همتْ على العام الحديبِ
فمثله التصورُ لي بقلبٍ يرى بالظنّ من خللِ الغيوبِ
أبا حسنٍ بدأتَ بها فتمم و إن لم تعطني إلا نصيبي
صفاتك وهي تكشف عن قريضي يمينُ القينْ يشحذ عن قضيبِ
بنا ظمأٌ وعندكمُ قليبٌ و أنت رشاءُ هاذاك القليبِ
أبو العباس موئلناو سعدٌ فقل في الطود أو قل في الكثيبِ
رضيتك ثمَّ لي ذخرا لنشر السليم الطيّ أو نشر المعيبِ
و غيرك منْ سكنتُ إليه كرهاً كما سكن العذارُ إلى المشيبِ
متى سالمتني سلمتْ صفاتي على ما دسَّ قومٌ من ذنوبي
إذا نظر الحبيبُ بعينِ عطفٍ فأهونُ ناظرٍ عينُ الرقيب