noon مشرف عام
عدد الرسائل : 608 تاريخ التسجيل : 02/11/2007
| موضوع: الحج إلى البيت الأبيض 26/7/2011, 2:29 am | |
| الحج إلى البيت الأبيض
في سورية العربية، ومنذ بداية تكوينها السياسي والوطني حسمت خياراتها، واختارت طريقها بما يحقق الرفعة والمجد لشعبها الأبي الذي كان البوصلة الحقيقية عبر مسيرته التاريخية لتحديد وجهة سورية وتوجهها القومي، ورغم الطريق الصعب الذي حاول الكثيرون في الداخل والخارج تلغيمه بأكثر من وسيلة فقد استطاعت المسيرة الوطنية والقومية في سورية من تحقيق أهدافها وترسيخ وحدتها الوطنية عبر تلاحم شعبي أفرزته ثقافة المواطن السوري وعمق رؤيته ونضوجه ووعيه على مختلف المستويات. في سورية العربية، التي أدركت وعرفت بعمق الجهات الست، فلم تخلط بين الغرب والشرق أو الشمال والجنوب، أو بين الفوق والتحت، حددت اتجاهها بدقة فكانت مسيرتها واضحة وضوح الشمس، وطنٌ مقاوم ممانع بامتياز، وشعب وعى ويعي حجم ما يحيط به ويخطط له، وقيادة امتلكت عمق الرؤية والنهج لتحقيق طموحات ورغبات شعبها التي لم تراهن يوماً ما إلا على تلك المكون الراسخ والمتجذر في التربة السورية، والذي أثبت عبر تاريخه النضالي الطويل رفضه لكل أشكال الإذعان والخنوع والاستسلام، بدءً من ثورة القسام مروراً بالنكبة والعدوان الثلاثي على مصر إلى حرب تشرين وغزو العراق وتدميره تحت ذرائع واهية سوقها وشارك بها للأسف بعض أخوتنا العرب! حتى حرب تموز في لبنان والعدوان على غزة في عام 2008 ـ 2009م، وبين البداية والنهاية المفتوحة لم ولن يتوانى الشعب العربي السوري عن تقديم تضحياته في سبيل عزة الوطن وكرامته ونصرة أشقائه وتقديم كل أشكال الدعم والمساعدة لأخوته وأشقائه العرب عكس ما نرى اليوم ويحصل من الطرف المقابل، وقد انطلقت القيادة والشعب في ذلك من قول الشاعر: ازرع جميلاً ولو في غير موضعه فلن يضيع جميلٌ أينما زُرعا من هذا المنطلق، ومن هذا الموقف المقاوم، كان علينا في سورية أن ندفع ضريبة هذا الصمود والمقاومة، وأن ندفع ضريبة الممانعة، وربما كان فاتورة عدم تمرير مشروع الهلال الخصيب وحلف بغداد أخف وأقل بكثير عما ترتب دفعه بعد حرب تشرين المجيدة في عام 1973م حتى هذه اللحظة، وربما يكون هذا خاضعاً لموازين القوى في تلك الفترة وحجم المصالح آنذاك، وأي قارئ متمعن للأحداث على مسرح الشرق الأوسط يدرك تماماً حجم الحصار الذي حاولوا فرضه على سورية، والأوراق التي حاولوا اللعب بها والعزف على أوتارها، من أجل إضعاف موقفها الوطني والقومي، وفصلها عن تيار المقاومة بأي شكل من الأشكال، ضماناً لأمن "إسرائيل" الذي يمثل خطاً أحمراً بالنسبة للغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال تجزئة المجزأ وتفتيت المفتت، والسيطرة على المصالح الحيوية والمناطق الاستراتيجية في المنطقة العربية، ولعل ما جرى في السودان، وما يجري الآن في ليبيا وما يحاولون توريده إلى سورية ـ وهي الأهم بالنسبة لهم حسب تقاريرهم ومراكز دراساتهم ـ هو ترجمة لتلك السياسات البغيضة المتبعة لخلق واقع جديد في المنطقة العربية عموماً ودول الطوق الجغرافي خصوصاً من حيث التجزئة أولاً ونقل جبهة القتال إلى مسرح الخليج العربي ثانياً، على اعتبار أن إيران، وحسب تصريحات المسؤولين والقادة الإسرائيليين هي أخطر من سورية على إسرائيل. وعوداً على موقف القيادة في سورية الممانع والصامد في وجه تحقيق وتطبيق أو تمرير أي مشروع ينال من وحدة المنطقة، فإن القيادة السياسية منذ تسلم الرئيس الخالد حافظ الأسد للسلطة في سورية ، والمسيرة التي تابعها السيد الرئيس بشار الأسد من بعده، عرفت منذ البداية وجهتها الحقيقية، وطريقها الواضح، وميزت اللون الحقيقي، فرفضت أن تطوف بالبيت الأبيض وتمسح جدرانه وتقبلها، وعرفت كيف تتوضأ بأماني شعبها وآماله، لأنه بوصلتها الحقيقية، فلم ترمه بجمار الخذل والغدر والعار، ولأنها رفضت أن تكون ضمن قافلة حجاج البيت الأبيض والقصور الغربية الفارهة، بل أبت إلا أن تكون في قوافل المقاومين الشرفاء، وعرفت على مر عقود من الزمن كيف تنسج وتحيك ثوبها الوطني الزاهي بألوان شعبها المقاوم ودماء شهدائها الأبطال. نون ـ البعث ميديا | |
|