إيليا أبو ماضي ............... هدية العيد
-----------------------------------
أيّ شيء في العيد أهدي إليك يا ملاكي، وكلّ شيء لديك؟
أسوار؟ أم دملجا من نضار؟ لا أحبّ القيود في معصميك
أم خمورا ؟ وليس في الأرض خمر كالتي تسكبين من لحظيك
أم ورودا؟ والورد أجمله عندي الذي قد نشقت من خدّيك
أم عقيقا كمهجتي يتلظى؟ والعقيق الثمين في شفتيك
ليس عندي شيء أعزّ من الروح وروحي مرهونة في يديك
ــــــــــــــــ
عروس الجمال
ــــــ
إذا أطلّ البدر من خدره فإنّما يطلع كي تنظريه
و إن شدا البلبل في وكره فإنّما يشدو لكي تسمعيه
و إن يفح عطر زهور الربى فإنّما يعبق كي تنشقيه
يا ليتني البدر الذي تنظرين ! يا ليتني الطير الذي تسمعين !
يا ليتني العطر الذي تنشقين ! أوّاه ! لو تصدّق يا ليتني !
***********************************************
بدر شاكر السياب ............... أهواء
-----------------------------------
أطلي على طرفي الدامع خيالا من الكوكب الساطع
ظلا من الأغصن الحالمات على ضفة الجدول الوادع
و طوفي أناشيد في خاطري يناغين من حبّي الضائع
يفجّرن من قلبي المستفيض و يقطرن في قلبي السامع
ـــــــــــــــــــ
عينان زرقاوان
ــــ
عينان زرقاوان.. ينعس فيهما لون الغدير
أرنو فينساب الخيال و ينصب القلب الكسير
و أغيب في نغم يذوب.. و في غمائم من عبير
بيضاء مكسال التلوي تستفيق على خرير
ناء.. يموت و قد تثاءب كوكب الليل الأخير
يمضي على مهل و أسمع همستين.. وأستدير
فأذوب في عينين ينعس فيهما لون الغدير
حسناء يا ظل الربيع, مللت أشباح الشتاء
سوداً تطل من النوافذ كلما عبس المساء
حسناء.. ما جدوى شبابي إن تقضى بالشقاء
عيناك.. يا للكوكبين الحالمين بلا انتهاء..
لولاهما ما كنت أعلم أن أضواء الرجاء
زرقاء ساجية.. و أن النور من صنع النساء
هي نظرة من مقلتيك و بسمة تعد اللقاء
و يضيء يومي عن غدي, وتفر أشباح الشتاء
**
عيناك.. أم غاب ينام على وسائد من ظلال
ساج تلثم بالسكون فلا حفبف و لا انثيال
إلا صدى واه يسيل على قياثر في الخيال
إني أحس الذكريات يلفها ظل ابتهال..
في مقلتيك مدى تذوب عليه أحلام طوال,
وغفا الزمان.. فلا صباح ..و لا مساء و لا زوال!
أني أضيع مع الضباب سوى بقايا من سؤال:
عيناك.. أم غاب ينام على وسائد من ظلال!
ـــــــــــــــــــ
غارسيا لوركا
ـــــ
في قلبه تنّور
النار فيه تطعم الجياع
و الماء من جحيمه يفور
طوفانه يطهّر الأرض من الشرور
و مقلتاه تنسجان من لظى شراع
تجمهان من مغازل المطر
خيوطه و من عيون تقدح الشرر
و من ثدي الأمهات ساعة الرضاع
و من مدى تسبل منها الثمر
و من مدى للقابلات تقطع السرر
و من مدى الغزاة و هي تمضغ الشعاع
شراعه الندي كالقمر
شراعه القوي كالحجر
شراعه السريع مثل لمحة البصر
شراعة الأخضر كالربيع
الأحمر الخضيب من نجيع
كأنه زورق طفل مزّق الكتاب
يملأ مما فيه بالزوارق النهر
كأنه شراع كولمبس في العباب
كأنه القدر
***************************
نزار قباني ................. القصيدَة البحريّة
-----------------------------------
في مرفأ عينيك الأزرقْ
أمطارٌ من ضوءٍ مسموعْ
وشموسٌ دائخةٌ.. وقلوعْ
ترسمُ رحلتها للمُطْلَقْ
*
في مرفأ عينيكِ الأزرقْ
شُبّاكٌ بحريّ مفتوحْ
وطيورٌ في الأبعاد تلوحْ
تبحثُ عن جُزُرٍ لم تُخْلَقْ..
*
في مرفأ عينيكِ الأزرقْ..
يتساقط ثلجٌ في تمّوزْ
ومراكبُ حبلى بالفيروزْ
أغرقتِ البحرَ ولم تغرقْ..
*
في مرفأ عينيكِ الأزرقْ
أركضُ كالطفل على الصَخْرِ
أستنشقُ رائحةَ البحرِ..
وأعودُ كعصفورٍ مُرْهَقْ..
*
في مرفأ عينيكِ الأزرقْ..
أحلم بالبحر وبالابحارْ
وأصيدُ ملايينَ الأقمارْ
وعُقودَ اللؤلؤ والزنبقْ
*
في مرفأ عينيكِ الأزرقْ
تتكلّمُ في الليل الأحجارْ..
في دفتر عينيكِ المُغْلقْ
مَنْ خبّأ آلافَ الأشعارْ؟
*
لو أنّي.. لو أنّي.. بحّار
لو أحدٌ يمنحني زورقْ..
أرسيتُ قلوعي كلَّ مساءْ
في مرفأ عينيك الأزرقْ..
********************
فدوى طوقان ....................القصيدة الأولى
-----------------------------------
(( ... و سألها : اتحبينني ؟
و رنت اليه و لم تجب ))
لا ،لا تسلني ، لن أبوح به
سيظلّ حبك سرّ أغواري
أعطيه من ذاتي ، و امنحه
ما عشت عاطفتي و إيثاري
أسقيه من عطري ، أوّسده
صدري ، أناغيه بأشعاريٍٍٍٍٍٍٍٍ
لهواك كل مواسمي امتلأت
و سخت بفيض جنىً و أزهار
لهواك آفاقي مرصعّة
يزهو السّنا في صدرها العاري
لهواك هذا الليل أسهره
نشوى ، أبيح الليل أسراري
أمضي مع الذكرى فتحملني
بجناحها للّدرب ، للدار
و اضمّ أجفاني على حلم
متوهج الأنفاس ، معطار
ها أنت ، في عينيك عاصفة
تجتاحني ، و هبوب إعصار
ها أنت بحرٌ راح يأخذني
في موجتيه أخذ جبار
ها أنت ، ها أنا ،
قصة بدأت
مكتوبة في سفر أقداري
. . . . . .
لا ، لا تسلني ، لن أبوح به
سيظلّ حبك سرّ أسراري
*********
علي محمود طه ................الأصل و المثال
-----------------------------------
أمن صنعة الله هذا الجمال ؟ نعم ؛ و من الفنّ هذا المثال !
على معرض مرمريّ الدّمي ترامى أشعته و الظّلال
تماثيل من جسد فاتن تأبّى على شهوات الرّجال
حبته الطّبيعة أسرارها و لاقى الحقيقة فيه الخيال
............
حديث قبلة
ـــــــــــ
تسائلني حلوة المبسم : متى أنت فبّلتني في فمي ؟
تحدّثت عني و عن قبلة فيا لك من كاذب ملهم !
قلت أعابثها : بل نسيت ، و في الثّغر كانت و في المعصم
فإن تنكرينها فما حيلتي و ها هي ذي شعلة في دمي
سلي شفتيك بما حسّتاه من شفتي شاعر مغرم
ألم تغمضي عندها ناظريك ؟ و بالرّاحتين ألم تحتمي ؟
هبي أنذها نعمة نلتها و من غير قصد .. فلا تندمي !
فإن شئت أرجعتها ثانيا مضاعفة للفم المنعم
فقالت و غضذت بأهدابها : إذا كان حقا فلا تحجم
سأغمض عينيّ كي لا أراك و ما في صنيعك من مأثم
كأنّك في الحلم قبّلتني فقلت و أفديك أن تحلمي !!