أنْدَمُ مِنَ الكُسَعِيَّ
في الحديث أن كسيع كان يَرْعَى إبلاً له بوادٍ مُعْشب، فبينما هو كذلك إذ أبْصَرَ نَبْعَة في صخرة، فأعجبْتُه، فَقَالَ: ينبغي أن تكون هذه قوساً فجعل يتعهدها ويرصدها حتى إذا أدْرَكتْ قطعها وجَفَّفها، فلما جفت اتخذ منها قوساً,ثم دهَنَها وخطمها بوَتَر، ثم عمد إلى ما كان من بُرَايتها فجعل منها خمسة أسْهُمْ، ثم خرج حتى أتى قُتَرَةً على مَوَارد حُمْر فكمن فيها، فرمى قطيع منها، فرمى عَيراً منها فأمخطه السهمُ: أي أنقذه فيه وجازه، وأصاب الجبل فأورَى ناراً، فظنَّ انه أخطأه, ثم مكث على حاله فمر قطيع آخر، فرمى منها عَيْرا فأمْخَطَة السهم، وصَنَعَ صنيع الأول، ثم مكث على حاله، فمر قطيع آخر، فرمى منها عيراً فأمخطه السهم، فصنع صنيع الثاني، ثم مكث مكانه، فمر به قطيع آخر، فرمى عيراً منها فصنع صنيع الثالث، ثم مر به قطيع أخر، فرمى عيراً منها فصنع صنيع الرابع، ثم عمد إلى قوسه فضرب بها حَجَراً فكسرها، ثم بات، فلما أصبح نظر فإذا اُلْحمُرُ مطروحة حوله مُصَرعة، أسهمه بالدم مُضَرَّجة، فندم على كَسْر القوس، فشدَّ على إبهامه فقطعها، وأنشأ يقول:
نَدِمْتُ نَدَامَةٌ لَوْ أنَّ نَفْسِي * تُطَاوِعُني إذاً لَقَطَعْتُ خَمْسِي
تَبَيَّنَ لي سفَاهُ الرَّأي مِنِّي * لَعَمْرُ أبِيك حِينَ كَسرتُ قَوْسِي
مع تحيات (noon)
** المرجع: مجمع الأمثال، للميداني