لمّا عَ الباب..................... فيروز
............................................................
لما ع الباب يا حبيبي نتودّع
بيكون الضوء بعدو شي عم يطلع
أوئف طلّع فيك ما بئدر احكيك
وبخاف تودعني وتفل وما ترجع
*****
بسكر بابي بشوفك ما شي ع الطريء
بفكر انزل اركض خلفك ع الطريء
وتشتي علي ما تشوفك عيني
وانا اركض وراءك مدلك إيدي
واندهلك نطرني حبيبي وما تسمع
***
ما رح ترجع بعرف انن غيروك
ياحبيبي وعذبوني وعذبوك
سهروا عينينا وفرقوا إيدينا
صرنا كتير نخاف اذا نحنا تلاقينا
ما بنتلائا إلا وئت اللي بنتودع
***************
أمتع شيء في الأغنية أن نعرف كيف نقرأها، ونعيشها، ونتمثل واقعها، فمتى كانت قريبة من حكاياتنا، استطعنا الاقتراب منها أكثر، ومتى كانت تحمل في موسيقاها وكلماتها معانٍ عظيمة ورؤية جميلة استطعنا الغوص في أعماق مفرداتها.
ليس المهم أن نسمع الأغنية، لكن الأهم أن نعي ونعرف كيف نترجمها للغتنا العادية، وننسج منها قصة، تلائم مقاسها.
اخترت لكم أغنية فيروز هذه لما فيها من سلاسة تعبير، ورؤية حزينة لحالة عشق، كثيراً ما تمر على العاشقين. فأرجو التأمل فيها والقياس على منوالها ومساعدتي في تقديم مجموعة دراسات لأغان قادمة.
.................... نون .............................
إنها قصة عشق مغسولة بدمع العاشقين، مرتدية ثوب الحداد، في هذه الأغنية، وبعد ليل من السهر والحديث وممارسة الشغف والعشق، وأحاديث الهيام، ومع اقتراب ولادة الفجر، يقف كلا العاشقين ليودع كل منهما الآخر. فكيف يكون الوداع!!؟ وكيف يكون الموقف!!؟ لم يبق من أحاديث الغرام شيئاً إلا وتكلموا به، قضوا سهرة عارمة، وسكون الليل الذي كان يكتم أسرار تلك القصة. لكن الفجر قريب، إنه وراء الباب، ينتظر أن ينهي العاشقان حديثهما، ولكن هيهات أن ينتهي، وهيهات للكلام أن ينفد.
مع قدوم ذاك الشفق الفاضح والذي يشبه شفاه الحبيبة، يعيش العاشقان مع قدومه حالة قلق، فقد أصبحت الرؤية واضحة، ولعل النهار قد يفضح سريهما، إذا عليهما الرحيل والوداع قبل أن ينكشف أمرهما. كيف يودعا بعضهما وهما لم يتكلما شيئاً، لقد أحسا أنهما في تلك الليلة لم يمضيا أكثر من بضع دقائق، يا الله ما أقصر تلك الوقت عندما يلتقي به العاشقان، وما أطوله عند الفراق.
حالة قلق في تلك اللحظة يعيشها العاشقان، يقفان على الباب، لحظات ويودع كل منهما الآخر، ولكن ما في داخلهما لايريد ذلك، تقف العاشقة عاجزة عن الكلام، ماذا تقول وعاشقها سيغادر المكان، لحظات وكل شيء مقفر، هناك شعور في داخلها مفاده أنه من المحتمل أن يكون لقاءهما الأخير، تخاف من وداعه، ومما يزيد خوفها، احتمال عدم عودة حبيبها.
ينتهي المقطع الأول من المأساة لتبدأ مأساة ما بعد الوداع، يودع كل منهما الآخر، تغلق العاشقة بابها، فتنتابها رزمة من الأحلام والتصورات، وربما نوع من هلوسة العشق، تتراءى صورة عاشقها وهو مغادر بيتها، وتفكر بلحاقه، تجري وراءه. لكن شتاء الحلم يقطع بينها وبين رؤية حبيبها، وعند هذا الانقطاع تمارس العاشقة مدّ اليدين لعلها تلتقط أصابع حبيبها فتنقذه وترجعه إلى أحضانها، وعندما تيأس من تلك المحاولة، تطلب منه الانتظار كي يأخذها معه، فهي لم تعد تحتمل فراقه ولو ثوان. لكن مأساة العاشقة كانت في أن حبيبها كان قد سبقها كثيراً فلم يعد يسمع صوت عاشقته.
في المقطع الثالث تصحو العاشقة من حلمها، كل هذه التداعيات حصلت في لحظات بسيطة جداً، حصلت في لحظة إغلاقها للباب وعودتها للداخل، ومن صميم الصحوة تكتشف العاشقة عدم عودة حبيبها، وتكتشف أنه قد تم تحويل تياره وتغيير مجراه، لقد زاد ذلك من عذاب الأثنين، وخلق نوعاً من القلق الأرق والسهاد في دنيا الحبيبين، لقد زرعوا الفرقة بيننا، وباعدوا بين قلبينا، حتى تملكنا الخوف إذا فكرنا باللقاء، وإن صدف وتلاقينا فما أقصره من لقاء، فلا نحس إلا وكل منا يودع الآخر. وآه من تلك اللحظات القاتلة.
***********
......................................................................... مع تحيات noon