لقب بالمجنون كثيرٌ غيره ............... وكلهم كان يشبب بليلى
وأخبرني عمر بن عبد الله بن جميلٍ العتكي قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا الأصمعي قال: سألت أعرابياً من بني عامر بن صعصعة عن المجنون العامري فقال: عن أيهم تسألني؟ فقد كان فينا جماعةٌ رموا بالجنون، فعن أيهم تسأل؟ فقلت: عن الذي كان يشبب بليلى، فقال: كلهم كان يشبب بليلى، قلت: فأنشدني لبعضهم، فأنشدني لمزاحم بن الحارث المجنون:
ألا أيها القلب الذي لج هائمـاً بليلى وليداً لم تقطع تمائمـه
أفق قد أفاق العاشقون وقد أنى لك اليوم أن تلقى طبيباً تلائمه
أجدك لا تنسيك ليلى مـلـمةٌ تلم ولا عهدٌ يطول تقـادمـه
قلت: فأنشدني لغيره منهم، فأنشدني لمعاذ بن كليبٍ المجنون:
ألا طالما لاعبت ليلى وقـادنـي إلى اللهو قلبٌ للحسان تـبـوع
وطال امتراء الشوق عيني كلما نزفت دموعاً تستـجـد دمـوع
قلت: فأنشدني لغير هذين ممن ذكرت، فأنشدني لمهدي بن الملوح:
لو أن لك الدنيا وما عدلت به سواها وليلى بائنٌ عنك بينها
لكنت إلى ليلى فقيراً وإنمـا يقود إليها ود نفسك حينهـا
قلت له: فأنشدني لمن بقي من هؤلاء، فقال: حسبك! فوالله إن في واحد من هؤلاء لمن يوزن بعقلائكم اليوم.
أخبرني محمد بن خلفٍ وكيعٌ قال حدثنا أحمد بن الحارث الخراز قال قال ابن الأعرابي: كان معاذ بن كليب مجنوناً، وكان يحب ليلى، وشركه في حبها مزاحم بن الحارث العقيلي، فقال مزاحمٌ يوماً للمجنون:
كلانا يا معـاذ يحـب لـيلـى بفي وفيك من ليلى الـتـراب
شركتك في هوى من كان حظي وحظك من مودتها الـعـذاب
لقد خبلت فـؤادك ثـم ثـنـت بقلبي فهو مخبـولٌ مـصـاب
قال فيقال: إنه لما سمع هذه الأبيات التبس وخولط في عقله.
وذكر أبو عمرو الشيباني: أنه سمع في الليل هاتفاً يهتف بهذه الأبيات، فكانت سبب جنونه.
*** المرجع: كتاب الأغاني للأصفهاني
مع تحيات ................................noon