سيدي الكريم
يشكل شهر تشرين الثاني شهراً استثنائياً في تاريخ الفلسطينيين وقضيتهم، فهو شهر زاخر بالمحطات المفصلية، التي على
اختلاف تواريخها ومناسباتها، تلتقي في دلالاتها. فبين الذكرى التسعين لوعد بلفور (2/11/1917)، الذي مهَّد الطريق الى
نكبة الشعب العربي الفلسطيني، والذكرى الثالثة لإستشهاد القائد الفلسطيني الإستثنائي ياسر عرفات (11/11/2004)،
الذي نال شرف اشعال الشرارة الأولى للطور المعاصر مِن ثورة شعبه، هناك الذكرى التاسعة عشرة لإعلان الاستقلال الوطني الفلسطيني(15/11/1988)
الذي جاء كتتويج سياسي لنضالات الفلسطينيين في الوطن والشتات على مدار عقود، والذكرى الستون للقرار الدولي بتقسيم
فلسطين (29/11/1947)، الذي استطاع الفلسطينيون (بنضالاتهم المديدة) تحويله الى يوم تضامن دولي معهم كشعب أقتلع
مِن أرضه بعد ابتلاعها، وأرتكبت بحقه عملية تطهير عرقي، هي الأبشع والأطول في التاريخ الحديث والمعاصر
أمام هذه المناسبات الأربع يجب التوقف. فهي مجتمعة، وكل منها على حدة، تنطوي على دلالات سياسية متنوعة وبعيدة المدى
فوعد بلفور كان غطاء سياسيا دولياً استعمارياً، قادته بريطانيا كدولة إستعمارية أولى آنذاك، لإسناد أحلام المشروع
الصهيوني في إفراغ الأرض الفلسطينية مِن سكانها الأصليين، وإحلال المهاجرين اليهود مكانهم، عبر الإستيلاء عليها واستيطانها.
وقرار تقسيم فلسطين كان قراراً دولياً مجحفاً، مزق الأرض الفلسطينية، وشكل مقدمة للاستيلاء عليها كاملة فيما بعد، وتحديداً في
العام 1967. وقرار إعلان الإستقلال الوطني الفلسطيني كان قراراً وطنياً فلسطينياً، رمى الى التثمير السياسي لذروة النضالالوطني
الفلسطيني، إنتفاضة العام 1987، وشكل رداً سياسياً لسد الفراغ القانوني الذي خلفه القرار الأردني بفك الإرتباط القانوني والإداري
مع الأرض المحتلة في الضفة الغربية. وقرار إغتيال أبي عمار كان قراراً إسرائيلياً بدعم أمريكي، للتخلص مِن قائد فلسطيني استثنائي
رفض التوقيع على شروط الاستسلام، وأبى الإقرار بإختزال الحقوق الفلسطينية في صيغة حكم ذاتي
مجموعة سكانية تعيش على "أرض إسرائيل الكاملة"
وبكلمات إنها مناسبات أربع تتقاطع في دالة الصراع على الأرض والسيطرة عليها
دمت و دامت اوطاننا بخير