بقلم السيد فايز فوق العادة رئيس الجمعية الكونية السورية فيجب جميعا أن يقرأ ما يكتبه عظمائنا ليس فقط أن يقرأ لعظماء التاريخ و الثقافات الأخرى ..
تحتل الكونيات كل كلمة قالها جبران , ها قد سرت خمسا و عشرين مرة حول الشمس و لا أدري كم مرة سار القمر حولي لكنني لم أدرك بعد أسرار النور و لا عرفت خفايا الظلام قد سرت خمسا و عشرين مرة مع الأرض و القمر و الشمس و الكواكب حول الناموس الكلي الأعلى و لكن هو ذا نفسي تهمس الآن أسماء ذلك الناموس مثلما ترجع الكهوف صدى أمواج البحر فهي كائنة بكيانه و لا تعلم ماهيته و تترنم بأغاني مده و جزره ولا تستطيع إدراكه منذ خمس و عشرين سنة خطتني يد الزمان كلمة في كتاب هذا العالم الغريب الهائل و ها أنذا كلمة مبهمة ملتبسة المعاني ترمز تارة إلى لا شيء و طورا إلى أشياء كثيرة .لقد رأى أنيشتاين و جبران أكوانا خاصة استلها مما خزنته الأزمنة في خلاياه إن أهم سر من أسرار العالم هو أن هذا العالم يمكن فهمه لا يستطيع العقل الإنساني أن يحيط بالكون إننا أشبه بطفل صغير يلج في مكتبة كبيرة يمكنه إدراك على نحو مبهم ما حوله و لكن هذه المكتبة التي علت السقف بلغات مختلفة قد خطها الكثيرون و لكنه لا يعرف من هم ...
لم يكن هناك فاصل بين جبران و بين الكون و لا عداوة بينه و بين أصغر أو أكبر ما في الكون بل كل مافي الكون كان يناديه : أنت أبني الحبيب , كبر أيها الكون , الأولى بثوا في سمائك أنفسهم و ملؤووا الهواء أرواحا لطيفة و علموا الإنسان أن يرى بسمعه و يسمع بقلبه , لقد عزت على جبران الذات المشترطة فأطلقها لتسع الكون بأسره , لا غرو في أنه تحول من محدودية الإنسان في الله إلى كلية الله في الإنسان , لم يجد جبران بين النكبات المخفية و الرزايا الهائلة إلا ألوهية الإنسان تقف كالجبار ساخرة بحماقة الأرض و غضب العناصر و مثل عمود نور منتصب بين خرائب بابل و نينوى و تدمر و بمباي ة سان فرانسيسكو ترتل أنشودة الخلود قائلة :
لتأخذ الأرض ما لها , فلا نهاية لي , أنت أنا أيتها الأرض فلو لم أكن لما كنت , إنما الإنسان كائن منتصب بين اللانهاية في باطنه و اللانهاية في محيطه فلو لم يكن فينا ما فينا لما كان في خارجنا مافي خارجنا .إن الذات هي منبع الألوهة , أنا الألوهة فهي غاية ترسمها أحلام الذات أمامها أشار أنيشتاين إلى ذلك بقوله :[color=black]( إن ما يشغلني فعلا هو التساؤل التالي : هل كان لدى الإله أي خيار في خلق العالم )[/color] من جانبه جبران أكد أن اطبيعة ما هي إلا جسد الله , شكل الله , و الله هو ما ننشده و نحب أن نحققه لقد بات على الطبيعة أن تولد من الشاعرية , من الإنسان الخلاق , من الرؤيا , بعد أن كانت هي منطلق العقل إن النظرية العلمية الحقيقية هي قصيد كوني لحن وفق رموز خاصة , أضيف مما قاله أنيشتاين خالق العالم هو الإنسان الفرد العظيم , علينا أن نسرع قبل أن تذوي كل الأحلام الحق نقول إننا نجد صعوبة بالغة في التمييز بين أنيشتاين و جبران .