منذ الألف الرابع قبل الميلاد ازدهرت ثقافة السومريين في الجزء الأسفل من حوض دجلة والفرات والشواطئ العليا من الخليج العربي، وقد كان للحضارة السومرية تأثير كبير على الثقافات المنتشرة حولها، فهي التي أبدعت الخط المسماري الذي أصبح واسطة كتابة لدى شعوب المنطقة، كما أنها طورت مبادئ دينية وروحية ظلت سائدة فترة طويلة من الزمن، وهي التي وضعت أولى الملاحم الشعرية وأولى التراتيل الدينية، وأولى التشريعات والقوانين والتنظيمات المدنية والسياسية، حتى وصلت تأثيراتها إلى الثقافة الإغريقية فيما بعد، وباختصار فإن التاريخ يبدأ معالمه من سومر.
كما أن سومر كانت مؤلفة من اثنتي عشر دويلة (مدينة)، لكل منها سور ضخم يحيط بها مزارع وقرى،ـ ولكل دويلة فيها معبد رئيسي ويشيد بنائه فوق مرتفع من الأرض ما يلبث أن يصبح برجا عاليا.
أما ملوكها فقد كان من أهم واجبات الملك في ما يخص البناء والعمار، الحفاظ على شبكة الري وتوسيعها وتحسينها، أما من ناحية الأخلاق والفضائل فكان الملك يحث على المحافظة على القانون والتقيد به ونشر العدل في كامل أرجاء المملكة.
أما سكان سومر فأنهم كانوا أحرار إلا أن الرق كان معترفا به، عن طرق عديدة،إما أسرى حرب، أو آباء يبيعون أولادهم بدل تسديد ديون وما إلى ذلك...
كما أن الموسيقى والشعر لعب دورا كبيرا في الحياة السومرية، فإن الغناء والشعر كانا مزدهرين في المدارس السومرية، غير أن الآلات التي كانت تستخدم فهي القيثارة،الدف، والطبل.
وإلى الآن لم يتم الكشف عن كامل حضارة سومر ولا على الألواح المفقودة التي تخط كل ما يتعلق بها، ولكن النصوص المتفرقة والموزعة في متاحف العالم التي تم العثور عليها والمتعلقة بأمور الخلق والتكوين وترابطها المنطقي قد أعطى فكرة شاملة عن ما كانت نظرتهم وما مدى تفكيرهم عن تلك الأمور.
وفي صفحات أخرى إن شاء الله سأكتب عنها في بدء التكوين وخلق الانسان وما عمله وكل هذا طبعا حسب المنظور السومري.
فبغض النظر عن كل ما جاء في هذه الأفكار من أمور خيالية أم واقعية أم أسطورية فنحن ما يهمنا هو أن نجد ما كان الانسان السومري يفكر وما أساس فكرة حضارته التي ذكرت إلى الآن وستذكر إلى الأجيال القادمة وما هو سر تلك الثقافات وكنوز تلك المعارف التي آمنت بها تلك الشعوب.
يتبع في خلق العالم والأكوان عند السومريين....