منتدى الأجنحة الحرة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أمير الشعراء ........... أحمد شوقي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
noon
مشرف عام
noon


ذكر
عدد الرسائل : 608
تاريخ التسجيل : 02/11/2007

أمير الشعراء ........... أحمد شوقي Empty
مُساهمةموضوع: أمير الشعراء ........... أحمد شوقي   أمير الشعراء ........... أحمد شوقي Icon_minitime4/1/2008, 2:20 pm

أحمد شوقي >> شيعتُ أحلامي بقلبٍ باكِ
-----------------------------------
شيعتُ أحلامي بقلبٍ باكِ ولمحتُ من طرق الملاحِ شباكي
ورجعتُ أَدراجَ الشباب ووِرْدَه أَمشي مكانَهما على الأَشواك
وبجانبي واهٍ ، كأن خفوقه لما تلفتَ جهشة ُ المتباكي
شاكي السلاحِ إذا خلا بضلوعه فإذا أهيبَ به فليس بشاك
قد راعه أني طويتُ حبائلي من بعد طول تناولٍ وفكاك
ويح ابن جنبي ؟ كلُّ غاية ِ لذة ٍ بعد الشباب عزيزة الإدراك
لم تبق منا - يا فؤادُ - بقية ٌ لفتوة ٍ ، أو فضلة ٌ لعراك
كنا إذا صففتَ نستبق الهوى ونشدُّ شدَّ العصبة ِ الفتاك
واليوم تبعث فيَّ حين تهزني ما يبعث الناقوسُ في النساك
يا جارة َ الوادي، طَرِبْتُ وعادني ما يشبهُ الأَحلامَ من ذكراك
مثلتُ في الذكرى هواكِ وفي الكرى والذكرياتُ صدى السنين الحاكي
ولقد مررتُ على الرياض برَبْوَة ٍ غَّناءَ كنتُ حِيالها ألقاك
ضحكتْ إليّ وجوهها وعيونها ووجدْتُ في أَنفاسها ريّاك
فذهبتُ في الأيام أذكر رفرفاً بين الجداولِ والعيونِ حَواك
أذكرتِ هرولة َ الصبابة ِ والهوى لما خَطرتِ يُقبلان خُطاكِ؟
لم أَدر ما طِيبُ العِناقِ على الهوى حتى ترفَّق ساعدي فطواك
وتأوَّدت أعطاف بانِك في يدي واحمرّ من خَفريهما خدّاك
ودخلتُ في ليلين : فرعِك والدُّجى ولثمتُ كالصّبح المنوِّرِ فاكِ
ووجدْتُ في كُنْهِ الجوانحِ نَشْوَة ً من طيب فيك، ومن سُلاف لَمَاك
وتعطَّلَتْ لغة ُ الكلامِ وخاطبَتْ عَيْنَيَّ في لغة الهوى عيناك
ومَحوتُ كلَّ لُبانة ٍ من خاطري ونسيتُ كلَّ تعاتُبٍ وتشاكي
لا أمسِ من عمرِ الزمان ولاغدٌ جُمِع الزمانُ فكان يومَ رِضاك
لُبنانُ ، ردتني إليكَ من النوى أقدارُ سيرٍ للحياة دَرَاك
جمعتْ نزيلي ظهرِها من فُرقة ٍ كُرَة ٌ وراءَ صَوالجِ الأَفلاك
نمشي عليها فوقَ كلِّ فجاءة ٍ كالطير فوقَ مَكامن الأشراك
ولو أنّ الشوق المزارُ وجدتني مُلقى الرحالِ على ثراك الذاكي
بنت البقاع وأمَّ بردُوِنيِّها طيبي كجلَّق ، واسكبي بَرداك
ودِمَشْقُ جَنَّاتُ النعيم، وإنما ألفيتُ سُدَّة َ عدنِهنَّ رُباك
قسماً لو انتمت الجداولُ والرُّبا لتهلَّل الفردوسُ، ثمَّ نَماك
مَرْآكِ مَرْآه وَعَيْنُكِ عَيْنُه لِمْ يا زُحَيلة ُ لا يكون أباكِ؟
تلك الكُروم بقية ٌ من بابلٍ هَيْهَاتَ! نَسَّى البابليَّ جَناك
تبدي كوشي الفُرس أفتّنَ صبغة ٍ للناظرين إلى أَلَذِّ حِياكِ
خرزاتِ مِسكٍ أو عُقودَ الكهربا أُودِعْنَ كافوراً من الأَسلاك
فكَّرْتُ في لَبَنِ الجِنانِ وخمرِها لمّا رأيتُ الماءَ مَسَّ طِلاك
لم أنس من هبة ِ الزمانِ عشيَّة ً سَلَفَتْ بظلِّكِ وانقضَتْ بِذَراك
كًنتِ العروسَ على منصة ِ جنحها لًبنانُ في الوشي الكريم جَلاكِ
يمشي إليكِ اللّحظُ في الديباج أَو في العاج من أي الشِّعاب أتاك
ضَمَّتْ ذراعيْها الطبيعة ُ رِقَّة ً صِنِّينَ والحَرَمُونَ فاحتضناك
والبدرُ في ثبج السماءِ مُنورٌ سالت حُلاه على الثرى وحُلاكِ
والنيِّرات من السحاب مُطِلَّة ٌ كالغيد من سترٍ ومن شُباك
وكأَنَّ كلَّ ذُؤابة ٍ من شاهِقٍ ركنُ المجرة أو جدارُ سِماك
سكنتْ نواحي الليل ، إلا أنَّة ً في الأَيْكِ، أَو وَتَراً شَجِيَّ حَراك
شرفاً ـ عروس الأرز ـ كلُّ خَريدة تحتَ السماءِ من البلاد فِداك
رَكَز البيانُ على ذراك لواءَه ومشى ملوكُ الشعر في مَغناك
أُدباؤك الزُّهر الشموسُ ، ولا أرى أَرضاً تَمَخَّضُ بالشموس سِواك
من كلّ أَرْوَعَ علْمُه في شعره ويراعه من خُلقه بملاك
جمع القصائدَ من رُباكِ، وربّما سرق الشمائلَ من نسيم صَباك
موسى ببابك في المكارم والعلا وعَصاهُ في سحر البيانِ عَصاكِ
أَحْلَلْتِ شعري منكِ في عُليا الذُّرا وجمعته برواية الأملاك
إن تُكرمي يا زَحْلُ شعري إنني أَنكرْتُ كلَّ قَصيدَة ٍ إلاَّك
أَنتِ الخيالُ: بديعُهُ، وغريبُه الله صاغك، والزمانُ رَواك


على قدرِ الهوى يأْتي العِتابُ
-----------------------------------
على قدرِ الهوى يأْتي العِتابُ ومَنْ عاتبتُ يَفْديِه الصِّحابُ
ألوم معذِّبي ، فألومُ نفسي فأُغضِبها ويرضيها العذاب
ولو أنَي استطعتُ لتبتُ عنه ولكنْ كيف عن روحي المتاب؟
ولي قلب بأَن يهْوَى يُجَازَى ومالِكُه بأن يَجْنِي يُثاب
ولو وُجد العِقابُ فعلتُ، لكن نفارُ الظَّبي ليس له عِقاب
يلوم اللائمون وما رأَوْه وقِدْماً ضاع في الناس الصُّواب
صَحَوْتُ، فأَنكر السُّلْوان قلبي عليّ، وراجع الطَّرَب الشباب
كأن يد الغرامَِ زمامُ قلبي فليس عليه دون هَوى ً حِجاب
كأَنَّ رواية َ الأَشواقِ عَوْدٌ على بدءٍ وما كمل الكتاب
كأني والهوى أَخَوا مُدامٍ لنا عهدٌ بها، ولنا اصطحاب
إذا ما اغتَضْتُ عن عشقٍ يعشق أُعيدَ العهدُ، وامتد الشَّراب

مضناك جفاهُ مرقده
-----------------------------------
مضناك جفاهُ مرقده وبكاه ورحمَ عودُهُ
حيرانُ القلبِ مُعَذَّبُهُ مقروح الجفنِ مسهده
أودى حرفاً إلا رمقاً يُبقيه عليك وتُنْفِدهُ
يستهوي الورق تاوهه ويذيب الصخرَ تنهدهُ
ويناجي النجمَ ويتعبه ويُقيم الليلَ ويُقْعِدهُ
ويعلم كلَّ مطوقة ٍ شجناً في الدَّوحِ ترددهُ
كم مد لطفيكَ من شركٍ وتادب لا يتصيدهُ
فعساك بغُمْضٍ مُسعِفهُ ولعلّ خيالك مسعدهُ
الحسنُ حَلَفْتُ بيُوسُفِهِ والسورة ِ إنك مفردهُ
قد وَدَّ جمالك أو قبساً حوراءُ الخُلْدِ وأَمْرَدُه
وتمنَّت كلٌّ مقطعة ٍ يدها لو تبعث تشهدهُ
جَحَدَتْ عَيْنَاك زَكِيَّ دَمِي أكذلك خدَّك يحجده؟
قد عزَّ شُهودي إذ رمَتا فأشرت لخدِّك أشهده
وهممتُ بجيدِك أشركه فأبى ، واستكبر أصيده
وهزَزْتُ قَوَامَك أَعْطِفهُ فَنَبا، وتمنَّع أَمْلَدُه
سببٌ لرضاك أمهده ما بالُ الخصْرِ يُعَقِّدُه؟
بيني في الحبِّ وبينك ما لا يَقْدِرُ واشٍ يُفْسِدُه
ما بالُ العاذِلِ يَفتح لي بابَ السُّلْوانِ وأُوصِدُه؟
ويقول : تكاد تجنُّ به فأَقول: وأُوشِكُ أَعْبُده
مَوْلايَ ورُوحِي في يَدِه قد ضَيَّعها سَلِمتْ يَدُه
ناقوسُ القلبِ يدقُّ لهُ وحنايا الأَضْلُعِ مَعْبَدُه
قسماً بثنايا لؤلُئِها قسم الياقوت منضده
ورضابٍ يوعدُ كوثرهُ مَقتولُ العِشقِ ومُشْهَدُه
وبخالٍ كاد يحجُّ له لو كان يقبَّل أسوده
وقَوامٍ يَرْوي الغُصْنُ له نَسَباً، والرُّمْحُ يُفَنِّدُه
وبخصرٍ أوهَنَ مِنْ جَلَدِي وعَوَادِي الهجر تُبدِّدُه
ما خنت هواك ، ولا خطرتْ سلوى بالقلب تبرده

برز الثعلبُ يوماً

-----------------------------------
برز الثعلبُ يوماً في شعار الواعِظينا
فمشى في الأرضِ يهذي ويسبُّ الماكرينا
ويقولُ : الحمدُ للــهِ إله العالمينا
يا عِباد الله، تُوبُوا فهموَ كهفُ التائبينا
وازهَدُوا في الطَّير، إنّ الــعيشَ عيشُ الزاهدينا
واطلبوا الدِّيك يؤذنْ لصلاة ِ الصُّبحِ فينا
فأَتى الديكَ رسولٌ من إمام الناسكينا
عَرَضَ الأَمْرَ عليه وهْوَ يرجو أَن يَلينا
فأجاب الديك : عذراً يا لأضلَّ المهتدينا !
بلِّغ الثعلبَ عني عن جدودي الصالحينا
عن ذوي التِّيجان ممن دَخل البَطْنَ اللعِينا
أَنهم قالوا وخيرُ الــقولِ قولُ العارفينا:
" مخطيٌّ من ظنّ يوماً أَنّ للثعلبِ دِينا»

يا ناعماً رقدت جُفونُه

-----------------------------------
يا ناعماً رقدت جُفونُه مضناك لا تهدا شجونه
حملَ الهوى لك كلَّه إن لم تعنه فمنْ يعينه؟
عُدْ مُنعِماً، أَو لا تَعُدْ أَوْدَعْتَ سرَّكَ مَن يصُونُه
بيني وبيكَ في الهوى سببٌ سيجمعنا متينه
رشأ يعابُ الساحرون وسحرهم ، إلا جفونه
الروحُ مِلْكُ يمينه يَفديه ما مَلَكَتْ يَمِينه
ما البانُ إلاَّ قدُّه لو تيمتْ قلباً غصونه
ويزين كلَّ يتيمة فمُه، وتحسبُهَا تَزينُه
ما العمرُ إلا ليلة ٌ كان الصباح لها جبينه
بات الغرامُ بديننا فيها كما بتنا ندينه
بين الرقيب وبيننا وادٍ تباعدُه حزونُه
تغتابه ونقول : لا بَقِي الرقيبُ ولا عيونُه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
noon
مشرف عام
noon


ذكر
عدد الرسائل : 608
تاريخ التسجيل : 02/11/2007

أمير الشعراء ........... أحمد شوقي Empty
مُساهمةموضوع: رد: أمير الشعراء ........... أحمد شوقي   أمير الشعراء ........... أحمد شوقي Icon_minitime5/1/2008, 2:05 am

ريـمٌ عـلى القـاعِ بيـن البـانِ والعلَمِ أَحَـلّ سـفْكَ دمـي فـي الأَشهر الحُرُمِ
رمـى القضـاءُ بعيْنـي جُـؤذَر أَسدًا يـا سـاكنَ القـاعِ, أَدرِكْ ساكن الأَجمِ
لمــا رَنــا حــدّثتني النفسُ قائلـةً يـا وَيْـحَ جنبِكَ, بالسهم المُصيب رُمِي
جحدتهـا, وكـتمت السـهمَ فـي كبدي جُـرْحُ الأَحبـة عنـدي غـيرُ ذي أَلـمِ
رزقـتَ أَسـمح مـا في الناس من خُلق إِذا رُزقـتَ التمـاس العـذْر فـي الشِّيَمِ
يـا لائـمي في هواه - والهوى قدَرٌ لـو شـفَّك الوجـدُ لـم تَعـذِل ولم تلُمِِ
لقــد أَنلْتُــك أُذْنًــا غـير واعيـةٍ ورُبَّ منتصـتٍ والقلـبُ فـي صَمـمِ
يـا نـاعس الطَّرْفِ; لاذقْتَ الهوى أَبدًا أَسـهرْتَ مُضنـاك في حفظِ الهوى, فنمِ
أَفْـديك إِلفًـا, ولا آلـو الخيـالَ فِـدًى أَغـراك بـالبخلِ مَـن أَغـراه بـالكرمِ
سـرَى, فصـادف جُرحًـا داميًا, فأَسَا ورُبَّ فضــلٍ عـلى العشـاقِ للحُـلُمِ
مَــن المـوائسُ بانًـا بـالرُّبى وقَنًـا اللاعبـاتُ برُوحـي, السـافحات دمِي?
الســافِراتُ كأَمثـالِ البُـدُور ضُحًـى يُغِـرْنَ شـمسَ الضُّحى بالحَلْي والعِصَمِ
القــاتلاتُ بأَجفــانٍ بهــا سَــقَمٌ وللمنيــةِ أَســبابٌ مــن السّــقَمِ
العــاثراتُ بأَلبــابِ الرجـال, ومـا أُقِلـنَ مـن عـثراتِ الـدَّلِّ في الرَّسمِ
المضرمـاتُ خُـدودًا, أسـفرت, وَجَلتْ عــن فِتنـة, تُسـلِمُ الأَكبـادَ للضـرَمِ
الحــاملاتُ لــواءَ الحسـنِ مختلفًـا أَشــكالُه, وهـو فـردٌ غـير منقسِـمِ
مـن كـلِّ بيضـاءَ أَو سـمراءَ زُيِّنتا للعيـنِ, والحُسـنُ فـي الآرامِ كالعُصُمِ
يُـرَعْنَ للبصـرِ السـامي, ومن عجبٍ إِذا أَشَــرن أَســرن الليـثَ بـالعَنمِ
وضعـتُ خـدِّي, وقسَّـمتُ الفؤادَ ربًى يَـرتَعنَ فـي كُـنُسٍ منـه وفـي أَكـمِ
يـا بنـت ذي اللِّبَـدِ المحـميِّ جانِبُـه أَلقـاكِ فـي الغاب, أَم أَلقاكِ في الأطُمِ?
مـا كـنتُ أَعلـم حـتى عـنَّ مسـكنُه أَن المُنــى والمنايـا مضـرِبُ الخِـيمِ
مَـنْ أَنبتَ الغصنَ مِنْ صَمصامةٍ ذكرٍ? وأَخـرج الـريمَ مِـن ضِرغامـة قرِمِ?
بينـي وبينـكِ مـن سُـمْرِ القَنا حُجُب ومثلُهــا عِفَّــةٌ عُذرِيــةُ العِصَـمِ
لـم أَغش مغنـاكِ إِلا في غضونِ كَرًى مَغنــاك أَبعــدُ للمشـتاقِ مـن إِرَمِ
يـا نفسُ, دنيـاكِ تُخْـفي كـلَّ مُبكيـةٍ وإِن بــدا لـكِ منهـا حُسـنُ مُبتسَـمِ
فُضِّـي بتقـواكِ فاهًـا كلمـا ضَحكتْ كمــا يُفـضُّ أَذَى الرقشـاءِ بـالثَّرَمِ
مخطوبـةٌ - منـذُ كان الناسُ - خاطبَةٌ مـن أَولِ الدهـر لـم تُـرْمِل, ولم تَئمِ
يَفنـى الزّمـانُ, ويبقـى مـن إِساءَتِها جــرْحٌ بـآدم يَبكـي منـه فـي الأَدمِ
لا تحــفلي بجناهــا, أَو جنايتهــا المـوتُ بـالزَّهْر مثـلُ المـوت بالفَحَمِ
كـم نـائمٍ لا يَراهـا, وهـي سـاهرةٌ لــولا الأَمـانيُّ والأَحـلامُ لـم ينـمِ
طــورًا تمـدّك فـي نُعْمـى وعافيـةٍ وتـارةً فـي قـرَار البـؤس والـوَصَمِ
كـم ضلَّلتـكَ, وَمَـن تُحْجَـبْ بصيرتُه إِن يلـقَ صابـا يَـرِد, أَو عَلْقمـا يَسُمِ
يــا ويلتـاهُ لنفسـي! راعَهـا ودَهـا مُسْـوَدَّةُ الصُّحْـفِ فـي مُبْيَضَّـةِ اللّمَمِ
ركَضْتهـا فـي مَـرِيع المعصياتِ, وما أَخـذتُ مـن حِمْيَـةِ الطاعـات للتُّخَـمِ
هــامت عـلى أَثَـرِ اللَّـذاتِ تطلبُهـا والنفسُ إِن يَدْعُهـا داعـي الصِّبـا تَهمِ
صــلاحُ أَمـرِك للأَخـلاقِ مرجِعُـه فقـــوِّم النفسَ بــالأَخلاقِ تســتقمِ
والنفسُ مـن خيرِهـا فـي خـيرِ عافيةٍ والنفسُ مـن شـرها فـي مَـرْتَعٍ وَخِمِ
تطغـى إِذا مُكِّـنَتْ مـن لـذَّةٍ وهـوًى طَغْـيَ الجيـادِ إِذا عَضَّـت على الشُّكُمِ
إِنْ جَـلَّ ذَنبـي عـن الغُفـران لي أَملٌ فـي اللـهِ يجـعلني فـي خـيرِ مُعتصَمِ
أُلقـي رجـائي إِذا عـزَّ المُجـيرُ على مُفـرِّج الكـرب فـي الـدارينِ والغمَمِ
إِذا خــفضتُ جَنــاحَ الـذُّلِّ أَسـأَله عِـزَّ الشـفاعةِ; لـم أَسـأَل سـوى أَمَمِ
وإِن تقـــدّم ذو تقــوى بصالحــةٍ قــدّمتُ بيــن يديـه عَـبْرَةَ النـدَمِ
لـزِمتُ بـابَ أَمـير الأَنبيـاءِ, ومَـنْ يُمْسِــكْ بمِفتــاح بـاب اللـه يغتنِـمِ
فكــلُّ فضـلٍ, وإِحسـانٍ, وعارفـةٍ مــا بيــن مســتلمٍ منـه ومُلـتزمِ
علقـتُ مـن مدحـهِ حـبلاً أعـزُّ بـه فـي يـوم لا عِـزَّ بالأَنسـابِ واللُّحَـمِ
يُـزرِي قَـرِيضِي زُهَـيْرًا حين أَمدحُه ولا يقـاسُ إِلـى جـودي لـدَى هَـرِمِ
محــمدٌ صفـوةُ البـاري, ورحمتُـه وبغيَـةُ اللـه مـن خَـلْقٍ ومـن نَسَـمِ
وصـاحبُ الحـوض يـومَ الرُّسْلُ سائلةٌ متـى الـورودُ? وجـبريلُ الأَمين ظَمي
ســناؤه وســناهُ الشــمسُ طالعـةً فـالجِرمُ فـي فلـكٍ, والضوءُ في عَلَمِ
قـد أَخطـأَ النجـمَ مـا نـالت أُبوَّتُـه مـن سـؤددٍ بـاذخ فـي مظهَـرٍ سَنِم
نُمُـوا إِليـه, فـزادوا في الورَى شرَفًا ورُبَّ أَصـلٍ لفـرع فـي الفخـارِ نُمي
حَــوَاه فـي سُـبُحاتِ الطُّهـرِ قبلهـم نـوران قامـا مقـام الصُّلـبِ والرَّحِم
لمــا رآه بَحــيرا قــال: نعرِفُــه بمـا حفظنـا مـن الأَسـماءِ والسِّـيمِ
سـائلْ حِراءَ, وروحَ القدس: هل عَلما مَصـونَ سِـرٍّ عـن الإِدراكِ مُنْكَـتِمِ?
كــم جيئـةٍ وذهـابٍ شُـرِّفتْ بهمـا بَطحـاءُ مكـة فـي الإِصبـاح والغَسَمِ
ووحشــةٍ لابــنِ عبـد اللـه بينهمـا أَشـهى مـن الأُنس بالأَحبـاب والحشَمِ
يُسـامِر الوحـيَ فيهـا قبـل مهبِطـه ومَــن يبشِّـرْ بسِـيمَى الخـير يَتَّسِـمِ
لمـا دعـا الصَّحْـبُ يستسقونَ من ظمإٍ فــاضتْ يـداه مـن التسـنيم بالسَّـنِمِ
وظلَّلَتــه, فصــارت تسـتظلُّ بـه غمامــةٌ جذَبَتْهــا خِــيرةُ الــديَمِ
محبــةٌ لرســولِ اللــهِ أُشــرِبَها قعـائدُ الدَّيْـرِ, والرُّهبـانُ فـي القِمـمِ
إِنّ الشــمائلَ إِن رَقَّــتْ يكـاد بهـا يُغْـرَى الجَمـادُ, ويُغْـرَى كلُّ ذي نَسَمِ
ونـودِيَ: اقـرأْ. تعـالى اللـهُ قائلُهـا لـم تتصـلْ قبـل مَـن قيلـتْ له بفمِ
هنــاك أَذَّنَ للرحــمنِ, فــامتلأَت أَســماعُ مكَّــةَ مِـن قُدسـيّة النَّغـمِ
فـلا تسـلْ عـن قريش كيف حَيْرتُها? وكـيف نُفْرتُهـا فـي السـهل والعَلمِ?
تسـاءَلوا عـن عظيـمٍ قـد أَلـمَّ بهـم رمَــى المشــايخَ والولـدانَ بـاللَّممِ
يـا جـاهلين عـلى الهـادي ودعوتِـه هـل تجـهلون مكـانَ الصـادِقِ العَلمِ?
لقَّبتمــوهُ أَميـنَ القـومِ فـي صِغـرٍ ومــا الأَميــنُ عـلى قـوْلٍ بمتّهَـمِ
فـاق البـدورَ, وفـاق الأَنبيـاءَ, فكـمْ بـالخُلْق والخَـلق مِـن حسْنٍ ومِن عِظمِ
جـاءَ النبيـون بالآيـاتِ, فـانصرمت وجئتنــا بحــكيمٍ غــيرِ مُنصَـرمِ
آياتُــه كلّمــا طـالَ المـدَى جُـدُدٌ يَــزِينُهنّ جــلالُ العِتــق والقِـدمِ
يكــاد فــي لفظــةٍ منـه مشـرَّفةٍ يـوصِيك بـالحق, والتقـوى, وبالرحمِ
يـا أَفصـحَ النـاطقين الضـادَ قاطبـةً حــديثُك الشّـهدُ عنـد الـذائقِ الفهِـمِ
حَـلَّيتَ مـن عَطَـلٍ جِـيدَ البيـانِ به فـي كـلِّ مُنتَـثِر فـي حسـن مُنتظِمِ
بكــلِّ قــولٍ كـريمٍ أَنـت قائلُـه تُحْـيي القلـوبَ, وتُحْـيي ميِّـتَ الهِممِ
سَــرَتْ بشــائِرُ بالهـادي ومولِـده في الشرق والغرب مَسْرى النور في الظلمِ
تخـطَّفتْ مُهَـجَ الطـاغين مـن عربٍ وطــيَّرت أَنفُسَ البـاغين مـن عجـمِ
رِيعـت لهـا شُرَفُ الإِيوان, فانصدعت مـن صدمـة الحق, لا من صدمة القُدمِ
أَتيـتَ والنـاسُ فَـوْضَى لا تمـرُّ بهم إِلاّ عـلى صَنـم, قـد هـام فـي صنمِ
والأَرض مملــوءَةٌ جـورًا, مُسَـخَّرَةٌ لكــلّ طاغيـةٍ فـي الخَـلْق مُحـتكِمِ
مُسَـيْطِرُ الفـرْسِ يبغـى فـي رعيّتـهِ وقيصـرُ الـروم مـن كِـبْرٍ أَصمُّ عَمِ
يُعذِّبــان عبــادَ اللــهِ فـي شُـبهٍ ويذبَحــان كمــا ضحَّــيتَ بـالغَنَمِ
والخــلقُ يَفْتِــك أَقـواهم بـأَضعفِهم كــاللَّيث بـالبَهْم, أَو كـالحوتِ بـالبَلَمِ
أَســرَى بـك اللـهُ ليـلاً, إِذ ملائكُـه والرُّسْـلُ في المسجد الأَقصى على قدَمِ
لمــا خـطرتَ بـه التفُّـوا بسـيدِهم كالشُّـهْبِ بـالبدرِ, أَو كـالجُند بـالعَلمِ
صـلى وراءَك منهـم كـلُّ ذي خـطرٍ ومــن يفُــز بحــبيبِ اللـه يـأْتممِ
جُـبْتَ السـمواتِ أَو مـا فـوقهن بهم عـــلى منــوّرةٍ دُرِّيَّــةِ اللُّجُــمِ
رَكوبـة لـك مـن عـزٍّ ومـن شرفٍ لا فـي الجيـادِ, ولا فـي الأَيْنُق الرسُمِ
مَشِــيئةُ الخـالق البـاري, وصَنعتُـه وقــدرةُ اللــه فـوق الشـك والتُّهَـمِ
حتى بلغت سماءً لايطار لها على جناح ولايسعى على قدم
وقيــل: كــلُّ نبــيٍّ عنـد رتبتِـه ويــا محـمدُ, هـذا العـرشُ فاسـتلمِ
خــطَطت للـدين والدنيـا علومَهمـا يـا قـارئَ اللـوح, بـل يا لامِسَ القَلمِ
أَحــطْتَ بينهمـا بالسـرِّ, وانكشـفتْ لـك الخـزائنُ مـن عِلْـم, ومـن حِكمِ
وضـاعَفَ القُـربُ مـاقُلِّدْتَ مـن مِنَنٍ بـلا عِـدادٍ, ومـا طُـوِّقتَ مـن نِعـمِ
سـلْ عصبـةَ الشِّركِ حولَ الغارٍ سائمةً لــولا مطـاردةُ المختـار لـم تُسـمِ
هـل أبصروا الأَثر الوضَّاءَ, أَم سمِعوا همْسَ التسـابيحِ والقـرآن مـن أَمَـمِ?
وهــل تمثّـل نسـجُ العنكبـوتِ لهـم كالغـابِ, والحائمـاتُ الزُّغْبُ كالرخمِ?
فــأَدبروا, ووجــوهُ الأَرضِ تلعنُهـم كبــاطلٍ مـن جـلالِ الحـق منهـزِمِ
لـولا يـدُ اللـهِ بالجـارَيْنِ مـا سـلِما وعينُـه حـولَ ركـنِ الـدين; لـم يقمِ
توارَيــا بجَنــاح اللــهِ, واسـتترَا ومــن يضُـمُّ جنـاحُ اللـه لا يُضَـمِ
يـا أَحـمدَ الخـيْرِ, لـي جـاهٌ بتسْمِيَتي وكـيف لا يتسـامى بالرسـولِ سمِي?
المــادحون وأَربــابُ الهـوى تَبَـعٌ لصـاحبِ الـبُرْدةِ الفيحـاءِ ذي القَـدَمِ
مديحُـه فيـك حـبٌّ خـالصٌ وهـوًى وصـادقُ الحـبِّ يُمـلي صـادقَ الكلمِ
اللــه يشــهدُ أَنــي لا أُعارضُــه مـن ذا يعارضُ صوبَ العارضِ العَرِمِ?
وإِنَّمـا أَنـا بعـض الغـابطين, ومَـن يغبِــطْ وليَّــك لا يُــذمَمْ, ولا يُلَـمِ
هــذا مقــامٌ مـن الرحـمنِ مُقتَبسٌ تَــرمي مَهابتُــه سَــحْبانَ بـالبَكمِ
البـدرُ دونـكَ فـي حُسـنٍ وفي شَرفٍ والبحـرُ دونـك فـي خـيرٍ وفي كرمِ
شُـمُّ الجبـالِ إِذا طاولتَهـا انخـفضت والأَنجُـمُ الزُّهـرُ مـا واسـمتَها تسِـمِ
والليــثُ دونـك بأْسًـا عنـد وثبتِـه إِذا مشـيتَ إِلـى شـاكي السـلاح كَمِي
تهفــو إِليـكَ - وإِن أَدميـتَ حبَّتَهـا فـي الحـربِ - أَفئـدةُ الأَبطالِ والبُهَمِ
محبـــةُ اللــهِ أَلقاهــا, وهيبتُــه عـلى ابـن آمنـةٍ فـي كـلِّ مُصطَدَمِ
كـأَن وجـهَك تحـت النَّقْـع بدرُ دُجًى يضــيءُ مُلْتَثِمًــا, أَو غـيرَ مُلتثِـمِ
بــدرٌ تطلَّــعَ فــي بـدرٍ, فغُرَّتُـه كغُـرَّةِ النصـر, تجـلو داجـيَ الظلَـمِ
ذُكِـرْت بـاليُتْم فـي القـرآن تكرمـةً وقيمــةُ اللؤلـؤ المكنـونِ فـي اليُتـمِ
اللــهُ قسّــمَ بيــن النـاسِ رزقَهُـمُ وأَنـت خُـيِّرْتَ فـي الأَرزاق والقِسـمِ
إِن قلتَ في الأَمرِ: "لا", أَو قلتَ فيه: "نعم" فخــيرَةُ اللـهِ فـي "لا" منـك أَو "نعمِ"
أَخـوك عيسـى دَعَـا ميْتًـا, فقـام لهُ وأَنــت أَحـييتَ أَجيـالاً مِـن الـرِّممِ
والجـهْل مـوتٌ, فـإِن أُوتيـتَ مُعْجِزةً فـابعثْ من الجهل, أَو فابعثْ من الرَّجَمِ
قـالوا: غَـزَوْتَ, ورسْـلُ اللهِ ما بُعثوا لقتْــل نفس, ولا جـاءُوا لسـفكِ دمِ
جـهلٌ, وتضليـلُ أَحـلامٍ, وسفسـطةٌ فتحـتَ بالسـيفِ بعـد الفتـح بـالقلمِ
لمـا أَتـى لـكَ عفـوًا كـلُّ ذي حَسَبٍ تكفَّــلَ الســيفُ بالجهـالِ والعَمَـمِ
والشـرُّ إِن تَلْقَـهُ بـالخيرِ ضِقـتَ بـه ذَرْعًــا, وإِن تَلْقَــهُ بالشـرِّ يَنحسِـمِ
سَـل المسـيحيّةَ الغـراءَ: كـم شرِبت بالصّـاب مـن شَـهوات الظـالم الغَلِمِ
طريـدةُ الشـركِ, يؤذيهـا, ويوسـعُها فـي كـلِّ حـينٍ قتـالاً سـاطعَ الحَدَمِ
لــولا حُمـاةٌ لهـا هبُّـوا لنصرَتِهـا بالسـيف; مـا انتفعـتْ بالرفق والرُّحَمِ
لــولا مكـانٌ لعيسـى عنـد مُرسِـلهِ وحُرمَـةٌ وجـبتْ للـروح فـي القِـدَمِ
لَسُـمِّرَ البـدَنُ الطُّهـرُ الشـريفُ على لَوْحَـيْن, لـم يخـشَ مؤذيـه, ولم يَجمِِ
جـلَّ المسـيحُ, وذاقَ الصَّلـبَ شـانِئهُ إِن العقــابَ بقـدرِ الـذنبِ والجُـرُمِ
أَخُـو النبـي, وروحُ اللـهِ فـي نُـزُل فُـوقَ السـماءِ ودون العـرشِ مُحترَمِ
علَّمْتَهــم كـلَّ شـيءٍ يجـهلون بـه حـتى القتـالَ ومـا فيـه مـن الـذِّمَمِ
دعــوتَهم لِجِهَــادٍ فيــه سـؤددُهُمْ والحـربُ أُسُّ نظـامِ الكـونِ والأُمـمِ
لـولاه لـم نـر للـدولاتِ فـي زمـن مـا طـالَ مـن عمـد, أَو قَرَّ من دُهُمِ
تلــك الشــواهِدُ تَـتْرَى كـلَّ آونـةٍ في الأَعصُر الغُرِّ, لا في الأَعصُر الدُّهُمِ
بـالأَمس مـالت عروشٌ, واعتلت سُرُرٌ لـولا القـذائفُ لـم تثْلَـمْ, ولـم تصمِ
أَشـياعُ عيسـى أَعَـدُّوا كـلَّ قاصمـةٍ ولــم نُعِـدّ سِـوى حـالاتِ مُنقصِـمِ
مهمـا دُعِيـتَ إِلـى الهيْجَـاءِ قُمْتَ لها تـرمي بأُسْـدٍ, ويـرمي اللـهُ بـالرُّجُمِ
عــلى لِــوَائِكَ منهـم كـلُّ مُنتقِـمٍ للــه, مُســتقتِلٍ فـي اللـهِ, مُعـتزِمِ
مُســبِّح للقــاءِ اللــهِ, مُضطـرِمٍ شـوقاً, عـلى سـابحٍ كالبرْقِ مضطرِمِ
لـو صـادفَ الدَّهـرَ يَبغِي نقلةً, فرمى بعزمِـهِ فـي رحـالِ الدهـرِ لـم يَرِمِ
بيـضٌ, مَفـاليلُ مـن فعلِ الحروبِ بهم مـن أَسْـيُفِ اللـهِ, لا الهندِيـة الخُـذُمِ
كـم فـي الـترابِ إِذا فتَّشت عن رجلٍ مـن مـاتَ بـالعهدِ, أَو من مات بالقسَمِ
لـولا مـواهبُ فـي بعـضِ الأَنام لما تفـاوت النـاسُ فـي الأَقـدار والقِيَـمِ
شــريعةٌ لـك فجـرت العقـولَ بهـا عـن زاخِـرٍ بصنـوفِ العلـم ملتطِـمِ
يلـوحُ حـولَ سـنا التوحـيدِ جوهرُها كــالحلْي للسـيف أَو كالوشْـي للعَلـمِ
غـرّاءُ, حـامت عليهـا أَنفسٌ, ونُهًـى ومـن يَجـدْ سَلسَـلاً مـن حكمـةٍ يَحُمِ
نـورُ السـبيل يسـاس العـالَمون بهـا تكــفَّلتْ بشــباب الدهــرِ والهَـرَمِ
يجـري الزمّـانُ وأَحكـامُ الزمانِ على حُـكم لهـا, نـافِذٍ فـي الخلق, مُرْتَسِمِ
لـمَّـا اعْتلَـت دولـةُ الإِسلامِ واتسَعت مشــتْ ممالِكُـهُ فـي نورِهـا التَّمـمِ
وعلَّمــتْ أُمــةً بــالقفر نازلــةً رعْـيَ القيـاصرِ بعـد الشَّـاءِ والنَّعَمِ
كـم شَـيَّد المصلِحُـون العـاملون بها فـي الشـرق والغرب مُلكًا باذِخَ العِظَمِ
للعِلـم, والعـدلِ, والتمـدينِ ما عزموا مـن الأُمـور, ومـا شـدُّوا من الحُزُمِ
ســرعان مـا فتحـوا الدنيـا لِملَّتِهـم وأَنهلـوا النـاسَ مـن سَلسـالها الشَّـبِمِ
سـاروا عليهـا هُـداةَ الناس, فَهْي بهم إِلـى الفـلاحِ طـريقٌ واضـحُ العَظَـمِ
لا يهـدِمُ الدَّهـرُ رُكنًـا شـاد عـدلُهُمُ وحــائط البغــي إِن تلمسْـهُ ينهـدِمِ
نـالوا السـعادةَ فـي الدَّارين, واجتمعوا عـلى عميـم مـن الرضـوان مقتسـمِ
دعْ عنـك رومـا, وآثِينـا, ومـا حَوَتا كــلُّ اليـواقيت فـي بغـدادَ والتُّـوَمِ
وخــلِّ كِسـرى, وإِيوانًـا يـدِلُّ بـه هــوى عـلى أَثَـرِ النـيران والأيُـمِ
واتْـرُكْ رعمسـيسَ, إِن الملـكَ مَظهرهُ فـي نهضـة العدل, لا في نهضة الهرَمِ
دارُ الشــرائع رومـا كلّمـا ذُكـرَتْ دارُ الســلام لهـا أَلقـتْ يـدَ السَّـلَمِ
مــا ضارَعَتهـا بيانًـا عنـد مُلْتَـأَم ولا حَكَتهــا قضـاءً عنـد مُخـتصَمِ
ولا احـتوت فـي طِـرازٍ مِن قياصِرها عــلى رشـيدٍ, ومـأْمونٍ, ومُعتصِـمِ
مــن الــذين إِذا ســارت كتـائبُهم تصرّفــوا بحــدود الأَرض والتخُـمِ
ويجلســونَ إِلــى علــمٍ ومَعرفـةٍ فــلا يُدانَـوْن فـي عقـل ولا فَهَـمِ
يُطــأْطئُ العلمـاءُ الهـامَ إِن نَبَسُـوا مـن هيبـةِ العلْـم, لا مـن هيبة الحُكُمِ
ويُمطِـرون, فمـا بـالأَرضِ من مَحَلٍ ولا بمـن بـات فـوق الأَرضِ من عُدُمِ
خــلائفُ اللـه جـلُّوا عـن موازنـةٍ فــلا تقيسـنّ أَمـلاكَ الـورى بهـمِ
مَـنْ فـي البريـة كالفـاروق مَعْدَلَةً? وكـابن عبـد العزيـز الخاشعِ الحشمِ?
وكالإِمــام إِذا مــا فَـضَّ مزدحمًـا بمــدمع فـي مـآقي القـوم مزدحـمِ
الزاخـر العـذْب فـي علْـم وفي أَدبٍ والنـاصر النَّـدْب في حرب وفي سلمِ?
أَو كـابن عفّـانَ والقـرآنُ فـي يـدِهِ يحـنو عليـه كمـا تحـنو عـلى الفُطُمِ
ويجـــمع الآي ترتيبًــا وينظمُهــا عقـدًا بجـيد الليـالي غـير منفصِـمِ?
جُرحـان فـي كبـدِ الإِسـلام ما التأَما جُـرْحُ الشـهيد, وجـرحٌ بالكتاب دمي
ومــا بــلاءُ أَبــي بكـر بمتَّهـم بعـد الجـلائل فـي الأَفعـال والخِـدمِ
بـالحزم والعـزم حـاطَ الدين في محنٍ أَضلَّــت الحـلم مـن كهـلٍ ومحـتلمِ
وحِـدْنَ بالراشـد الفـاروق عـن رشدٍ فـي المـوت, وهـو يقيـنٌ غير منبَهمِ
يجــادِلُ القــومَ مُسْــتَلاًّ مهنَّــدَه فـي أَعظـم الرسْلِ قدرًا, كيف لم يدمِ?
لا تعذلــوه إِذا طــاف الذهـولُ بـه مـات الحـبيبُ, فضلَّ الصَّبُّ عن رَغَمِ
يـا ربِّ صَـلِّ وسـلِّم مـا أَردتَ على نـزيل عرشِـك خـيرِ الرسْـل كـلِّهمِ
مُحــيي الليـالي صـلاةً, لا يقطِّعُهـا إِلاَّ بــدمع مــن الإِشـفاق مُنسـجمِ
مســبِّحًا لـك جُـنْحَ الليـل, محـتملاً ضُـرًّا مـن السُّهد, أَو ضُرًّا من الورَمِ
رضيَّــة نفسُــه, لا تشـتكي سـأمًا ومـا مـع الحـبِّ إِن أَخلصت مِن سَأَمِ
وصــلِّ ربِّـي عـلى آلٍ لـهُ نُخَـبٍ جـعلتَ فيهـم لـواءَ البيـتِ والحـرمِ
بيـضُ الوجـوه, ووجهُ الدهر ذو حَلَكٍ شُـمُّ الأُنـوف, وأَنـفُ الحادثات حمي
وأَهــد خـيرَ صـلاةٍ منـك أَربعـةً فـي الصحـب, صُحبتُهم مَرْعيَّةُ الحُرَمِ
الــراكبين إِذا نــادى النبــيُّ بهـم مـا هـال مـن جَـلَلٍ, واشتد من عَمَمِ
الصــابرين ونفسُ الأَرض واجفــةٌ الضــاحكين إِلـى الأَخطـار والقُحَـمِ
يـا ربِّ, هبـتْ شـعوبٌ مـن منيّتهـا واســتيقظت أُمَـمٌ مـن رقْـدة العـدمِ
سـعدٌ, ونحـسٌ, ومُلـكٌ أَنـت مالِكـه تُــديلُ مِـنْ نِعَـم فيـه, ومِـنْ نِقَـمِ
رأَى قضــاؤك فينــا رأْيَ حكمتِـه أَكـرِمْ بوجـهك مـن قـاضٍ ومنتقـمِ
فـالطُفْ لأَجـلِ رسـولِ العـالمين بنا ولا تــزدْ قومَــه خسـفًا, ولا تُسـمِ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
noon
مشرف عام
noon


ذكر
عدد الرسائل : 608
تاريخ التسجيل : 02/11/2007

أمير الشعراء ........... أحمد شوقي Empty
مُساهمةموضوع: رد: أمير الشعراء ........... أحمد شوقي   أمير الشعراء ........... أحمد شوقي Icon_minitime8/1/2008, 3:51 pm

خَطَوْنا في الجِهادِ خُطاً فِساحا
----------------
خَطَوْنا في الجِهادِ خُطاً فِساحا وهادَنَّا، ولم نُلقِ السِّلاحَا
رضينا في هوى الوطنِ المفدَّى دمَ الشهداءِ والماَ المطاحا
ولمّا سلّّت البيضُ المواضي تقلدنا لها الحقَّ الصراحا
فحطَّمْنا الشَّكيمَ سِوَى بقايا إذا عَضَّتْ أَرَيْناها الجِماحا
وقمنا في شِراعِ الحق نَلْقَى وندفع عن جوانيه الرياحا
نعالج شدة ً، ونروض أخرى ونسعى السعيَ مشروعاً مباحا
ونستولي على العقبات إلا كمينَ الغيبِ والقدرَ المتاحا
ومنْ يصبرْ يجدْ طولَ التمنِّي على الأَيام قد صار اقتراحا
وأَيامٍ كأَجواف الليالي فقدنَ النجمَ والقمرَ اللياحا
قضيناها حيالَ الحربِ نخشى بقاءَ الرِّق، أو نرجو السراجا
تَرَكْنَ الناسَ بالوادي قعودا من الإعياءِ كالإبل الرَّزاحى
جنود السلم لا ظفرٌ جزاهم بما صبروا، ولا موتٌ أَراحا
ولا تلْقى سوى حيٍّ كَميْتٍ ومنزوفٍ وإن لم يسقَ راحا
ترى أسرى وما شهدوا قتالاً ولا اعتقلوا الأسنَّة والصفاحا
وجَرْحَى السَّوْطِ لا جَرْحَى المواضي بما عمل الجواسيسُ اجتراحا
صباحُك كان إقبالاً وسعداً فيا يومَ الرِّسالة ِ، عِمْ صَباحا
وما تألوا نهاركَ ذكرياتٍ ولا برهانَ عزتك التماحا
تكاد حِلاك في صفحات مصرٍ بها التاريخُ يفتتح افتتاحا
جلالك عن سنا الأضحى تجلَّى ونورك عن هلالِ الفطر لاحا
هما حقٌّ، وأنت ملئتَ حقَّا ومثَّلتْ الضحيَّة َ والسماحا
بعثنا فيك هاروناً وموسى إلى فرعونَ ف?بتَدَآ الكفاحا
وكان أعزَّ من روما سيوفاً وأطغى من قياصرها رماحا
يكاد من الفتوح وما سَقَتْهُ يخالُ وراءَ هيكلهِ فتاحا
وردَّ المسلمون فقيل: خابوا فيا لَكِ خيبة ً عادت نجاحا!
أَثارت وادياً من غايَتَيْه ولامت فرقة ً وأستْ جراحا
وشَدَّتْ مِن قُوَى قَومٍ مِراضٍعزائمهم فردَّتْها صِحاحا
كأن بلالَ نوديَ: قم فأذَّنْ فرجَّ شعابَ مكة َ والبطاحا
كأَن الناس في دينٍ جديدٍ على جنباته استبَقوا الصلاحا
وقد هانت حياتهمُ عليهم وكانوا بالحياة ِ هُمُ الشّحاحا
فتسمع في مآتمهم غناءً وتسمع في ولائمهم نُواحا
حواريينَ أوفدنا ثقاتٍ إذا تركَ البلاغُ لهم، فصاحا
فكانوا الحقَّ منقبضاً حيياً تحدَّى السيفَ مُنصلِتاً وَقاحا
لهم منَّا براءة ُ أهلِ بدرٍ فلا إثماً نَعُدُّ ولا جُناحا
ترى الشَّحناءَ بينهم عِتاباً وتحسب جدَّهم فيها مزاحا
جعلنا الخلدَ منزلَهم، وزدنا على الخلدِ الثناءَ والامتداحا
يميناً بالتي يسعى إليها غُدُوّاً بالندامة ، أَو رَوَاحا
وتَعبَقُ في أنوف الحجِّ رُكناً وتحتَ جِباهِهم رَحْباً، وساحا
وبالدستور، وهْوَ لنا حياة ٌ نرى فيه السلامة َ والفلاحا
أَخذناه على المُهَجِ الغوالي ولم نأخذه نَيلاً مُستماحا
بنينا فيه من دمعٍ رواقاً ومن دمِ كلِّ نابتة ٍ جناحا...
... لما ملأ الشبابَ كروح سعدٍ ولا جعل الحياة َ لهم طماحا
سلواعنه القضية َ، هل حماها وكان حمى القضية ِ مستباحا؟
وهل نظم الكهولَ الصِّيدَ صَفّاً وألف من تجاربهم رداحا؟
هو الشيخُ الفتيُّ، لو استراحت من الدأبِ الكواكبُ ما استراحا
وليس بذائقِ النومِ اغتباقاً إذا دار الرقادُ، ولا اصطِباحا
فيالَكَ ضَيْغَماً سهِر الليالي وناضل دونَ غايتِه، ولاحَى
ولا حَطَمَتْ لك الأَيامُ ناباً ولا غضَّت لك الدنيا صياحا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أمير الشعراء ........... أحمد شوقي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أمير واسود في حدا داعيتلو امو يرحب فيي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأجنحة الحرة :: الجناح الأدبي :: روائع الشعر العربي-
انتقل الى: