مدخل:
ماري... برعمة تفتحت على غصني فأورقت بسمات جمّلت روح حياتي.. وكل صباح يشرق في وجداني ذاك البرعم الإنساني المنطلق نحو عالم الطفولة بكل عنفوان..
ماري أصيبت بمرض وعوفيت.. مكثت في المشفى وكان ذاك المنفى، ذو الشراشف البيضاء المغطاة بهالة من السواد، عالماً إضافياً يضاف لقائمة الأحزان.
لماري .. ذاك البرعم الضاحك المبتسم المقبل على الحياة الوردية.. هذه النمنمات هدية مني على سلامتها.
..............
ماري
وتقرأ في ملامحها الحنين
ويضج في البيت القديم
من شقاوتها السكون
و تغار من عبق البنفسج والندى والياسمين
**
ماري
تحب أن تكون ثيابها
دوماً تحاكيها الفنون
وتحب أن تلقي بشعرها
كل أنواع الفتون
وتغار ماري من صباي الحيّ
وتخاف أن يسرقن كحلتها
ومرآة توارت في حقيبتها
وتغار منهن إذا لامسن دميتها
فيفور تنور الغضب
إن لم تحقق ما تريد
*****
وتحب ماري الرسم والألوان والطقس الجميل
وتحب موج البحر والأنهار والينبوع والنغم الأصيل
كانت
إذا ما شاهدت طيرا
تحاول أن تطير
كانت إذا ما شاهدت قمراً
تحاول أن تنير
كانت تسابق عمرها
في زحمة الزمن القصير
*****
أبنيتي...ماري
يسّاقط الجمر على جسدي
ويلفحني الهجير
ما إن أرى شبح الدموع
يجوب روضك يا ابنتي
إلا وينعاني السرور
*****
ذاك الفراش الأبيض المكسوَ من حزني العميق
يغتالني
يغتال بي فرحي
ويشعل في حنايايَ الحريق.
****
مازلت أنتظر شروقك يا ابنتي
في قامتي
في مهجتي
في دمعتي
في حرقتي
فدعيني من حزني أفيق
والقِ بضحكتك البهية يا ابنتي
وهبيني من ألمي رحيق.
***
ماري
أيا قمري المسافر في دمي
كم كانت الدنيا ستغدو مظلمه
ويغمرها الحداد
لو لم تكن ألقيت بعضاً
من ضفائرك الحسان
أو لم تكن ألغيت من قاموسها
لغة السواد.
****
هيا العبي وتشيطني
هيا اغمري واستذكري
أنّ الطفولة يا ابنتي
كالماء في نهر الحياة
لا تأتي إلا مرة
هيا العبي
هيا اسكبي
عبق الشقاوة في دمي
واستذكري
أن الطفولة يا ابنتي
لا كالرجال أو النساء
لا طينها من طينهم
أو ماءها من مائهم
أنتم خُلقتم يا ابنتي
من رحم أنوار السماء.
****
أبنيتي
يومين لا أكثر
سنغادر المنفى الجميل
لا تسأمي
منفاك هذا يا ابنتي
قد كان أوهبك الحياة
وغداً سنرحل من هنا
وسلال أحزاني التي أتخمتها
ستكون في صمت عميق
فغداً
ستلقين الوداع وترحلين
ويشع فجرك يا ابنتي
تموز عاد من جديد.
****************** مع تحيات نون