في غابر الأزمنة عندما كانت حوافر الخيول تدك الأرض وتهزها هزّا ..لم تكن النساء الشركسيات يتبرجن ويقعدن في بيوتهن بل كنَّ شانهن شان الرجال يسرجن الخيول ويحملن الرماح والسيوف اللامعة ويتصدين للأعداء مثلهن مثل الرجال ..غن ذاك كان في وسع النساء الشركسيات ليس فقط تربية شعور أحبائهن بل كان في مقدورهن أن يعملن سيوفهن في صدور الأعداء حتى أنهن كان في وسعهن أن يحافظن على حبهن مكتوما في صدورهن وقلوبهن اتقاء ألسنة السوء ..ومن شهيرات النساء الشركسيات آن ذاك الأميرة رائعة الجمال(نارتسانه) التي خلدت أسمها ملاحم نارت الشركسية .فقد كانت تكتم في قلبها حبها العنيف لفتاها الشاب طبقا للأعراف الشركسية ..وفي إحدى المعارك استطاعت بمديتها أن تصلب فارسا في قلب الأرض كان الشرر يتطاير من عينيها وشعرها الحريري الناري يخفق في الهواء ..توقفت الأميرة نارتسانه تلتقط أنفاسها وتحدق في الفارس الصريع الذي قتل على يدها وندَّت عنها فجأة صرخة أليمة ..إذ رأت حبيبها الفارس الشركسي الشركسي وقد صرع على يدها .."يا إلهي ماذا فعلت يداي .." كان حبيبها مغمض العينين غارقا في الدم ..وقفزت من على حصانها وارتمت على صدر قتيلها تقبل شفتيه وتحاول أن تدفئه لعله يعود إلى الحياة ..لكن كان قد فات الآوان
..إن الموتى لايسمعون رجاء ولا يشعرون بالخوف أو العطف
"لقد غابت شمسي " ندَّت تلك الصرخة من أعماق الأميرة نارتسانه فاهتزت لها نجوم السماء ..واستلت خنجرها وغرزته في صدرها ..وسال النجيع من قلبها الجريح ..كانت نهاية الأميرة نارتسانه على هذه الشاكلة وحيث سقط القتيلان انفجر ينبوع _ الينبوع النبيذي الذي يمكن أن يراه أي زائر للقفقاس حتى هذا اليوم .وحتى أن هذه المياه تعبأ إلى الآن وتباع في زجاجات على أنها مياه معدنية تشفي أمراضا كثيرة ويسميها الروس (نارزان) وفي الرواية أن دم هذين العاشقين يحمل اسم الأميرة الشركسية نارتسانه ويقولون أيضا أن هذه المياه ليست فقط تشفي الأمراض ولكنها أيضا تهب القوة والنشاط لكل من يشرب منها .