عزيزي وصديقي الغالي الوطني:
القراءة متعة وذوق وفن ايضاً، من هنا يجب أن نعي ماذا نقرأ ولمن وكيف نختار، فهل من محب للشعر لا يعشق أبا ريشة وهو سليل أحد أمراء الشعر في العصر الحديث، كيف لا وقد ورث من شعراء العربية روعة الأسلوب وحسن المطلع، ومتانة الديباجة والعمق في الوصف.
إذ اقدم الشاعر السوري أبا ريشة فلأنه عن جدارة يستحق التقديم، كونه أحد أعمدة الشعر في سورية، بل هو المتربع فوق عرشهم دون منازع ـ وهذا رأيي الشخصي ـ .
عمر أبو ريشة ............................... هي والدنيا
-----------------------------------
هي والدنيا وما بينهما
غصصي الحرى وأهوائي العنيدة
رحلة للشوق لم أبلغ بها
ما أرتني من فراديس بعيدة
طال دربي وانتهى زادي له
ومضى عمري على ظهر قصيدة
عمر أبو ريشة .........................اقرئيها ( اوراق ميت )
-----------------------------------
إنها حجرتي لقد صدئ النسيان
فيها وشاخ فيها السكوت
أدخلي بالشموع فهي من الظلمة
وكر في صدرها منحوت
وانقلي الخطو باتئاد فقد يجفل
منك الغبار والعنكبوت
عند كأسي المكسور حزمة أوراق
وعمر في دفتيها شتيت
احمليها ماضي شبابك فيها
والفتون الذي عليه شقيت
اقرئيها لا تحجب الخلد عني
انشريها لا تتركيني أموت
عمر أبو ريشة.................. عناد
-----------------------------------
هذي الربى كم ضاق في فضاؤها
مالي على جنباتها أتعثر
شب الحصى فيها ودون زحامه
درب يغيب و آخر يتكسر
وملاعبي ومجر أذيالي بها
بعدت فما ترقى إليها الأنسر
ما كنت أحسب أنها تتغير
وأرى الشتاء تطاولت أيامه
وازداد عسفا قلبه المتحجر
كم زارني وكشفت عن صدري له
فأقام لا يزهو ولا يتكبر
ما زلت أذكر كيف كان لهاثه
من دفء أضلاعي يذوب ويقطر
ما كنت أحسب انه يتغير
وأتيت مرآتي وعطري في يدي
فبصرت ما لا كنت فيها أبصر
فخفضت طرفي ذاهلا متوجعا
ونفرت منها غاضبا استنكر
خانت عهود مودتي فتغيرت
ما كنت أحسب أنها تتغير
عمر أبو ريشة ................... جبل
-----------------------------------
معاذ خلال الكبر ما كنت حاقدا
ولا غاضبا إن عاب مسراي عائب
فكم جبل يغفو على النجم خده
وأذياله للسائمات ملاعب
نظرت إلى الدنيا فلم ألف عندها
كبيرا أداري أو صغيرا أعاتب
وما هان لي في موقف العز موقف
ولا لان لي في جانب الحق جانب
فيا غربة الأحرار ما أطول السرى
وملء غيابات الدروب غياهب
عمر أبو ريشة ......................... طلل
-----------------------------------
قفي قدمي ! إن هذا المكان
يغيبُ به المرء عن حسه
رمالٌ وأنقاضُ صرحٍ هوت
أعاليه تبحثُ عن أُسه
أقلِّبُ طرفي به ذاهِلاً
وأسألُ يومي عن أمسِه
أكانت تسيلُ عليه الحياةُ
وتغفو الجفونُ على أنسه
وتشدو البلابلُ في سعده
وتجري المقاديرُ في نحسه
أأستنطقُ الصخرَ عن ناحِتيه
وأستنهضُ الميتَ من رمسه ؟
حوافر خيل الزمان المشت
تكاد تُحدِّثُ عن بؤسه
فما يرضع الشوكُ من صدرهِ
ولا ينعبُ البومُ في رأسه
وتلك العناكبُ مذعورةٌ
تريدُ التفلُّتَ من حبسهِ
لقد تعبتْ منه كفُّ الدمار
وباتت تخاف أذى لمسهِ
هنا ينفض الوهمُ أشباحهُ
وينتحرُ الموتُ في يأسه
عمر أبو ريشة ..................... سر السراب
-----------------------------------
كم جئت أحمل من جراحات الهوى
نجوى ، يرددها الضمير ترنُّما
سالتْ مع الأمل الشهي لترتمي
في مسمعيكِ , فما غمزتِ لها فما
فخنقتها في خاطري ! فتساقطتْ
في أدمعي ، فشربتها متلعثما
ورجعتُ أدراجي أصيدُ من المنى
حلماً ، أنام بأفقه متوهما
أختاهُ ! قد أزف النوى فتنعمي
بعدي فإن الحب لن يتكلما
لا تحسبيني سالياً ، إن تلمحي
في ناظري ، هذا الذهول المبهما
إن تهتكي سر السرابِ وجدتِهِ
حلم الرمالِ الهاجعاتِ على الظما!!
................
noon