لا شك أن أقدم وأعظم »كارما« هي التي أثرت على منطق الأديان السماوية في تجسيدها لمطلقية الخير والشر: »الكارما" المتعلقة بالحكم الأبدي على الأنفس.
وفيما تنتشر تعاليم الكارما في العالم اليوم حول نسبية الثواب والعقاب وأساليب محو العذابات الفردية عبر التعمّق بالرياضات الروحية، تشتد الحروب وتضيق النسب أمام الفرد لتعود وتثبت استحالة الهروب من الكارما الجماعية التي تجمح في العالم إلى المجهول وإلى طرق أبواب نهاية النهايات واستحقاق معاني قيامة القيامات التي تكلّمت عنها الكتب السماوية.
وبذلك فمنطق العقاب الأخير لا يتنافى مع منطق »الكارما« بل أن منطق القيامة الكبرى يرقى بعقيدة »الكارما« إلى أبعاد يستحيل فهم طبيعة الخلاص الحقيقي من غير فهمها.
وماذا عسى هذا المنطق أن يقول في عالم يركض وراء المجهول متناسياً وصايا الحكمة القديمة حول السعادة التي بها يتميّز أهل الخلاص:
قلب الرب أرقى من أن يقسو إلى حد النيران الأبدية ويوم الرب أعظم من أن ينتهي برائحة شواء اللحوم البشرية. بل أن حصر الأزمنة الماضية للأنفس وانطباعات أحداث آلاف الأعوام والسنين في أثير ذاكرتها وتكسّر حلقات أمواج الكارما الفردية والخير النسبي على شواطىء الأحداث العالمية والشرور المستشرية يؤدي بكل إناء أن ينضح بما فيه وبحركة تمثل مختصر جوهره ومنتهى ماهيته لبلوغ العوالم نهاية النهايات في الارتفاع والانسفال استهلاكاً واستنفادا لانعكاسات الرحمة الإلهية على الإنسان ولإمكانيات قانون الكارما بأن يضمن التوازن من غير تجلي الحقيقة الكونية ليكون الثواب والعقاب موجودَيْن بفائض العدل للأعين الشحمية. ولتقوم الحجة على العوالم من أنفسهم على أنفسهم بالعلوم والمعارف اليقينية والشواهد والبراهين الحسّية.
نقلاً عن مشيخة العقل